الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
آثار مغربية

الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم

خلال عملية إنقاذ كنيس يهودي مُتضرّر نتيجة الفيضانات الأخيرة في قرية "تمنّارت" جنوبي المغرب، اكتشف باحثون مغاربة وإسرائيليين وفرنسيين مؤخرا بقايا مجتمع يهودي مغربي يعود لقرون.وتقع القرية في جبال الأطلس الصغير، وهي تابعة ترابيا لإقليم طاطا ضمن جهة سوس ماسة بالمملكة المغربية، ويتحدث ساكنتها أمازيغية تشلحيت.

وتعكس هذه الاكتشافات الأثرية؛ وهي لقى ووثائق مكتوبة بالعبرية، معيش اليهود المغاربة بمنطقة يغلب عليها الطابع الجبلي الأمازيغي، وتعايشهم مع المسلمين قبل ما يزيد عن خمسة قرون.

وثائق وتمائم وترميم

ويؤكد محافظ التراث الثقافي بجهة سوس ماسة، العربي بروان، أنه في إطار "تدخل فريق مغربي بشراكة مع أساتذة من جامعة بن غوريون الإسرائيلية لإنقاذ كنيس تمنّارت الذي كان في حالة جد متردية، عثر على عدد كثير من الوثائق أغلبها مكتوبة بالعبرية".

وأوضح محافظ التراث الثقافي بسوس، في تصريحه  أن هذه الوثائق التراثية "تتضمن بشكل أساسي عقود شراء وعقود زواج، إلى جانب وثائق دينية وبعض التمائم".

وقال المصدر نفسه: "من خلال مختبر لمعالجة الأرشيف في عين المكان، تمكنا من حفظ البعض من هذه الوثائق التي تضررت جراء الأمطار التي عرفتها المنطقة، فيما يُرَمّم الكنيس على يد المهندسة المعمارية سليمة الناجي".

وتابع المسؤول بوزارة الثقافة، أن "الوزارة اشترطت على الفريق أن يُحتفظ بهذه الوثائق كتراث وطني، وهي توجد كلها بمقر مديرية الثقافة بمدينة أكادير".

أصالة المكوّن العربي وقدمه

ويرى الباحث في التاريخ اليهودي المغربي، رشيد دوناس، أن أهمية الاكتشاف الأخير، "ينبع من كونه يؤكد على قدم التواجد العبري ببلاد المغرب في فترة لاحقة، وهي حقيقة تاريخية يؤكدها كل الباحثين ذوي الصلة بهذا الموضوع".

في حديثهيقول دوناس: "الجماعة اليهودية تجذرت في هذه البقعة من العالم؛ ونعني بذلك اليهود التوشابيم، أي اليهود البلديين وهي الجماعة اليهودية المحلية، التي طعمت بقدوم يهود الأندلس أي اليهود الماغوراشيم، وهي الجماعة اليهودية التي نزحت من شبه الجزيرة الإيبيرية، بعد رحيلهم خلال وبعد سقوط الاندلس إثر تعرضهم للاضطهاد".

لكن الباحث في التاريخ اليهودي المغربي، ينبه إلى أنه في "إشكالية تأصيل التواجد اليهودي بالمغرب، يجب أن يدرس أكاديميا عبر مناهج العلوم الإنسانية، وبدون خلفية إيديولوجية، وبدون مزايدات سياسية، وهو ما سيسمح لنا بالحصول على أجوبة موضوعية، تفيدنا في إعادة بناء ذاكرتنا الجماعية المشتركة".

ويعتقد المتحدث ذاته، أن اليهود والأمازيغ في المغرب "شكلا منذ تاريخ موغل في القدم مكونا أصيلا من مكونات الشخصية المغربية، وهو ما يفسر التشابه والتماثل الحاصل في العديد من الطقوس والعادات الحضارية المشتركة، النابعة من التثاقف بين الطرفين سوسيو-ثقافيا منذ قرون، بشكل يؤكد توفر مناخ الاعتراف بالآخر والتعايش معه".

وهذا التعايش الفريد من نوعه، "اغتنى أيضا بتعاقب العديد من المكونات الحضارية على بلاد المغرب (المنحدرة من المجال المتوسطي بكل غناه وتنوعه)، وهو ما يعني أن الثقافة الأمازيغية كانت دائما ثقافة منفتحة، وغير منغلقة على ذاتها على الدوام"، يردف دوناس.

تمنّارت واحة التعايش

ويذكر الدارسون للتاريخ الاجتماعي لمنطقة الأطلس الصغير، أن واحة تمنّارت كانت تحتضن واحدة من أكبر ساكنة اليهود وأعرقها في المغرب؛ باعتبار المنطقة كانت ملتقى للتجارة الصحراوية.

يعتبر الباحث في التاريخ الاجتماعي لمنطقة الأطلس الصغير، الحسن تيكبدار، أن "يهود تمنّارت يدخلون مع المسلمين الأمازيغ في علاقات يومية مختلفة، يطبعها في غالب الأحيان طابع تجاري وهي علاقة متبادلة وتتميز بنوع من البراغماتية؛ فاليهود والمسلمون في مختلف القبائل يخضعون لأعلى سلطة في القبيلة والتي تتمثل في شخص أمغار، إذ تسود بينهم وبين هذا الأخير علاقات حميمة وطيبة ويلجؤون إليه في أي وقت أحسوا فيه بظلم من أي طرف كيفما كان".

يحكي الباحث في التاريخ الاجتماعي للمنطقة، أن "الرواية الشفوية المستقاة من جل المُسنّين الذين عايشوا يهود تمنّارت، تخبرنا أن الساكنة المحلية دخلت في علاقة شراكة مزدوجة مبنية على الربح، فقد كان يشترك مردخاي اليهودي مع مبارك المسلم بقرة حلوبا ليرعاها بالعلق مقابل النصف من الأرباح وقت بيعها".

على المستوى الثقافي واللغوي، "كانت العائلات اليهودية بتمنّارت تتحدث بلغتها الأم تشلحيت إلى جانب العبرية، بل لا زال بعض المسلمين المحليين إلى الآن يحتفظون في ذاكرتهم بمجموعة من المفردات العبرية"، يبين نفس المصدر.

وأضاف تيكبدار، أن "هناك تفاعلا بين اليهود والمسلمين بتمنارت عبر العادات والتقاليد والطقوس المستعملة في الزوايا والأضرحة الموجودة غير بعيد عن التجمعات اليهودية، ويشارك اليهود المسلمين تقديس بعض الأضرحة وأحيانا يتبركون بنفس الصلحاء أو يحجون إلى مزارات مشتركة"

قد يهمك أيضا

"الآثار" المصرية تُعلن أهمّ الاكتشافات الأثرية خلال عام 2018

 

تقنيات التنقيب الجديدة تجعل 2018 عام "الاكتشافات الاستثنائية" للآثار في مصر

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

الكاتبة الفرنسية آني إرنو تفوز بجائزة نوبل للأدب لعام…
لجنة تتفقد موقع "واخير" الأثري في زاكورة المغربية
رحيل الشاعر اللبناني الكبير محمد علي شمس الدين "أميرال…
تنظيم القاعدة يُصدر كتاباً حول التخطيط لهجمات 11 أيلول/سبتمبر
الأوقاف المغربية تُخصص 397 مليون درهم لبناء مساجد في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة