الرباط - المغرب اليوم
يرتقب أن تجرى انتخابات جزئية جديدة في المغرب خلال أكتوبر المقبل لتعويض النواب الذين أسقطتهم المحكمة الدستورية، خصوصا في أكادير وبني ملال، وسط تساؤلات حول قدرة الأحزاب على تعبئة المواطنين للمشاركة في هذه الانتخابات.
وتهيمن أجواء الانتخابات التي أجريت خلال الشهر الجاري على انتخابات أكتوبر المقبلة؛ إذ سجلت مستويات متدنية من المشاركة رغم التنافس الذي دخلت فيه الأحزاب الكبرى، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية في تطوان وحزب الاصالة والمعاصرة في سطات.
العزوف الذي سجل في الانتخابات الأخيرة جعل نسبة المشاركة السياسية للمغاربة تنزل بشكل غير مسبوق إلى أدنى مستوياتها؛ إذ لم تتجاوز 5 في المائة في دائرتي تطوان وسطات. وفي نظر إدريس بنيعقوب، باحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فإن أسباب ذلك تعود إلى طريقة التواصل الانتخابي وحجم الخصوم السياسيين.
واستدل بنيعقوب بحزب العدالة والتنمية، قائلا: "كلما توفر خصوم ومنافسون كثر له في أي انتخابات، ترتفع نسبة الفرجة السياسية باستعمال أدوات الإشهار المقارن"، مسجلا أنه "بدل تقديمه لتصور ولمشروع انتخابي حقيقي، تلجأ قياداته، وعلى رأسها الأمين العام عبد الإله بنكيران، إلى وضع مقارنة أخلاقية بين مرشحيه ومرشحي الأحزاب الأخرى باستعمال قواميس الأخلاق والدين وشروط التصويت/الشهادة الإيمانية حول مرشح ما".
وفي هذا الصدد، أشار الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن الانتخابات الجزئية الأخيرة أظهرت أنه "كلما انخفض عدد الخصوم، انخفضت نسبة الفرجة المثيرة للجماهير المحفزة على المشاركة لصالح منافس على حساب الآخر"، مشبها اللقاءات العامة بـ"حلبة للمصارعين تقسم الجمهور بين اللاعبين"، مشددا على "ضرورة استحضار عامل الوهن والضعف الذي أصاب الخطاب السياسي، خصوصا عند أقوى حزب استعمل الفضاء العام لحشد الجماهير، وهو حزب العدالة والتنمية في شخص بنكيران".
وأبرز المتحدث أن الأمين العام لحزب "المصباح" أصبح يعيش مرحلة أزمة خطاب وتواصل مع العموم، ولم تعد له أدوات خطابية كثيرة للإقناع والترافع في ظل الأزمة الداخلية وفي ظل تفكك وتحلل العقد الناظم للعلاقات الداخلية الذي كان من بين نتائجه تراشق إعلامي بين أبناء التنظيم الواحد، مستنتجا: "لذلك نجد بنكيران يبتعد نسبيا عن الخطاب المباشر مؤخرا مفضلا تواصل الصورة للبقاء في أذهان الجماهير وعلى السطح الإعلامي".
بالإضافة إلى ذلك، فقد حزب العدالة والتنمية، أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان، وفق تحليل بنيعقوب، الخصم الذي يعتبر أحسن متسابق يساعده على الجري في الممر الانتخابي من خلال انتقاده وانتقاد أمينه العام، وهو حزب الأصالة والمعاصرة وقائده السابق إلياس العماري، وأوضح أنه "كلما فقد الحزب الأول الخصم القوي، ضعفت قدراته التواصلية، وبالتالي القدرة على حشد الجماهير"، مؤكدا أن "حزب العدالة والتنمية لم يخرج بعد من تواصل الأزمة والخصومة. وكلما انتفت الأزمة الخارجية أو الخصومة الحقيقية، فقد قدرته على بناء خطاب تأطيري حقيقي مبني على مشروع وعلى رؤية للعمل المجتمعي"، بتعبير أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس.