الرباط - المغرب اليوم
أقدمت السلطات المحلية في مدينة ابن احمد بنواحي سطات المغربية، على استخراج جثة سيدة دُفنت منذ أسبوع، للتحقق من وفاتها بعد بلاغ قدمه أحد الأشخاص بسماع أصوات صادرة من قبرها، إلا أن اتشريح الطبي أثبت وفاة المرأة. وأثار قرار استخراج الجثة جدلا كون السيدة مدفونة منذ أسبوع ما اعتبره بعض الباحثين في العلوم الإنسانية هيمنة للخوارق في المجتمع المغربي، لأن الواقعة تتناقض مع العلم الدقيق بالمطلق.
والخطير في الحادث هو أن سلطات الدولة، التي يفترض فيها أن تتعامل مع المسألة بجدية، انساقت وراء الخرافة التي انتشرت وسط أبناء المدينة؛ وهو ما دفع البعض إلى التساؤل بخصوص الدوافع التي استندت عليها في قرار نبش القبر، لا سيما أن التشريح الطبي أثبت أن المرأة توفيت بالفعل.
في هذا السياق، يقول محسن بنزاكور، الباحث في علم النفس الاجتماعي، إن "هنالك فرقا كبيرا بين مفهوم إنقاذ الحياة والرجوع إلى الحياة الذي تم تداوله على نطاق واسع؛ ذلك أن المصطلح الأول مقبول، لأنه يدخل في إطار قانون، يفيد بضرورة إغاثة الإنسان في حالة الخطر، بينما كلمة الرجوع إلى الحياة تجعلنا نضع تساؤلات كبرى بخصوص الإيمان بالخرافة في القرن الحادي والعشرين".
ويضيف بنزاكور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بالقول" "من غير المعقول التصديق بوجود شخص دفن تحت التراب لمدة سبعة أيام على قيد الحياة"، مشيرا إلى أن "التناقض يتمثل في الإيمان بالخوارق، بينما نجح العلم في تفكيك أدق الظواهر، لكن الخرافة مازالت تعشش داخل عقول المغاربة".
ويرى أستاذ التعليم العالي أن "المثير في الواقعة هو الحجج التي استندت عليها السلطات المحلية في اتخاذ قرار إخراج الجثة من القبر"، متسائلا: "هل شهادة الشاهد بخصوص سماعه للأصوات كافية لاتخاذ القرار؟ لماذا لم تسبق التحريات القضائية القرار للتأكد من صحة الواقعة؟ هل السرعة في اتخاذ القرار تعني الإيمان بالخرافة أم الاستجابة لحالة طارئة؟"، مضيفا أن "الواقع قد أثبت العكس، لأن التشريح أكد وفاة المرأة".
وتابع: "إن انتشار الخرافة في المجتمع يرجع إلى عدة دوافع مختلفة؛ من بينها استمرار الاستغلال السيئ للدين من قبل بعض المؤسسات المغربية، لكونها لا تروج للمفهوم العقلاني للدين بقدر ما تروج للمفهوم الخرافي للدين، وهو ما يسهم في استمرار الخرافة بشكل مباشر، ومن ثمة ينعكس ذلك على التمثلات الفردية، من قبيل مفهوم التواكل الذي يعاكس المفهوم الحقيقي الموجود في الدين".
وأبرز المتحدث أن "تلك السلوكيات مازالت قائمة بالمغرب، من قبيل زيارة الأضرحة ومواسم الأضرحة، وكذلك الزوايا الخرافية والإيمان بقدرات الشيخ، وغيرها من الأمور التي لا يقبلها حتى العقل الطفولي"، موضحا أن "السلوكيات سالفة الذكر تزكي هذه القرارات التي نشهدها على أرض الواقع"، منبها إلى "تراجع الاستناد إلى العلم في بعض القرارات الاجتماعية والسياسية في المحافل الرسمية".
وختم بنزاكور تصريحه بالقول: "نلاحظ استعمال مفاهيم الاتكال على الخوارق في المحافل الرسمية، على سبيل المثال "البركة"؛ وهي مفاهيم يتم الاستناد إليها حتى في القرارات المبنية على الإحصاءات والدراسات العلمية، لكن تُعطى لها الأولوية بشكل ضخم، لتُعشش بذلك داخل عقول المغاربة الذين يؤمنون بالعلم والخرافة معاً، وهي مسألة مستحيلة منطقياً".
قد يهمك ايضا :
السلطات المحلية تحجز كميات كبيرة من الحلويات المنتهية الصلاحية في تطوان