أخر الأخبار

جبهة النصـرة أو «ثوار سوريا»

الدار البيضاء اليوم  -

جبهة النصـرة أو «ثوار سوريا»

عريب الرنتاوي


لم يخف السيد خالد خوجا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي يتخذ من إسطنبول مقراً له، فرحته العارمة بالانتصارات التي يحققها “ثوار سوريا” على “قوات الأسد”، واصفاً معركة جسر الشغور بانها بوابة التحرير الكامل للتراب السوري المحتل (من النظام طبعاً، لا يقصد الجولان السوري المحتل)، داعياً المجتمع الدولي إلى “انعطافة” في اشكال ومستويات الدعم الواجب توفيرها لـ “الثورة السورية” من أجل التسريع في إسقاط النظام واختزال المعاناة وتقليص التضحيات. حين يتحدث “خوجا” وداعمو الائتلاف من عرب وأتراك عن “ثوار سوريا” فإنه يقصد “مجاهدي جبهة النصرة” من دون مواربة ... فمن دخل إدلب وأتبعها بجسر الشغور ثم بعض مناطق “سهل الغاب”، هي كتائب وفصائل إسلامية، تشكل النصرة عمودها الفقري، وتلتحق بها جماعات سلفية وجهادية وتشكيلات عسكرية محسوبة على الإخوان المسلمين ... هذه هي “التعددية” الوحيدة المتاحة في المشهد السوري المعارض هذه الأيام. الإعلام المناوئ لنظام الرئيس الأسد، يتعمد “التورية” على النصرة، هو لا يتحدث إلا عن “ثورة” و”ثوار”، تفادياً لحساسات بعض الغرب، الذي ما زال ينظر للنصرة بوصفها جماعة إرهابية وفرعاً من فروع القاعدة ... والحقيقة أن ثمة حلف إقليمي بدأ يتشكل منذ عدة أشهر، متجاوزاً حساسياته وخلافاته الثانوية القديمة، وهو يبدو منهمكاً هذه الأيام في إنتاج “عاصفة حزم” جديدة، بأشكال وأدوات جديدة، ولكن ضد النظام السوري هذه المرة، وليس ضد الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح في اليمن. خلال شهر واحد فقط، جرى استخدام “مجزرة دبابات” مرتين في إعلام تحالف “عاصفة الحزم” الموجه لسوريا ... مجزرة دبابات في ريف درعا ومجزرة دبابات في ريف جسر الشغور ... أما كيف أمكن اقتراف هاتين المجزرتين، فالمؤكد أن أسلحة نوعية مضادة للدروع قد وصلت إلى أيدي النصرة من داعميها الإقليميين ... المؤكد أن ثمة “قرار مركزي” بإشعال جبهات القتال على عدة محاور في سوريا، وتحت إشراف غرفة عمليات إقليمية، وبالاعتماد على جبهة النصرة والكتائب الشيشانية المحسوبة على المخابرات التركية والأولوية والجماعات المدعومة من كل من قطر والسعودية وتركيا ... هذا وحده ما يفسر الاختراقات المفاجئة على جبهات عدة من شمال سوريا إلى جنوبها. البعض يعتقد أن هذه الهجمات تستبق “جنيف 3” الذي دعا إليه ديمستورا، والذي قد يمتد لثمانية أسابيع، يلتقي خلالها الموفد الأممي مع وفود المعارضة السياسية والمسلحة والنظام، كلٌ على حدة ... لكن قراءة مدققة في المشهد الميداني، وما يرافقه من حراك سياسي وديبلوماسي، يقود إلى نتيجة مفادها أن أهداف هذا التصعيد أبعد بكثير من أي “ثرثرة على ضفاف بحيرة ليمان” ... وأنها تتعلق بمستقبل سوريا بأكملها، وبالصراع الإقليمي المفتوح وحروب الوكالة بين معسكري إيران وأنصارها والسعودية وحلفائها... ولعل مراقبة التصريحات التركية الأخيرة التي عادت لإثارة مناطق حظر الطيران والمناطق العازلة، بل وبعض الأصوات المنادية بتدخل بري في سوريا، ما يعطي فكرة أوضح عن مرامي هذا التصعيد الشامل وأهدافه. يبدو أن مشروع واشنطن “تدريب معارضة معتدلة” لم يعد مقنعاً لأيٍ من حلفائها الكبار في المنطقة ... هؤلاء أخذوا على عاتقهم على ما يتضح، الاعتماد على حلفائهم وأنصارهم من سلفيين وجهاديين وإخوان مسلمين ... لقد سئم هؤلاء تشتت المعارضة المدنية وتواضع تأثير علمانيي سوريا، هم أصلاً لا يؤمنون بالقوى المدنية والعلمانية، خيارهم التاريخي المفضل ينحصر في “التعددية الإسلامية” ويراوح ما بين سلفية معتدلة إلى جهادية وانتهاء بالإخوان مروراً بكل ألوان الطيف الديني ... هذه القوى التي يجري تحضيرها لتسوية الحساب في سوريا مع إيران، ولتسوية الحساب مع سوريا بنظامها القائم. ظاهرياً، يزعم أنصار هذا الحلف، أن “حديد داعش” لا يفله إلا “حديد النصرة”، فهما من طبيعة واحدة، لكن مسارات المعارك وأهدافها وأولوياتها، كان منصباً على النظام السوري ... لم نعد نذكر متى آخر مرة، اشتبكت فيها النصرة مع داعش، تماماً مثلما كان الحال في اليمن، ففي الوقت الذي نفذت فيه قرابة الألفي طلعة جوية ضد الحوثيين والجيش، لم يتعرض هدف واحدٌ لـ “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” لأي ضربة من أي نوع. ولا شك أن انطلاق هذه الهجمات من مسافات قريبة للغاية من الحدود مع تركيا، وبهذه الأعداد الغفيرة من المقاتلين، وبهذه النوعية المتطورة من الأسلحة، إنما تكشف عن حجم التورط التركي – العربي في هذه الحرب من جهة، كما تكشف عن إسقاط هذا الحلف، لكل تحفظاته السابقة على “النصرة” من جهة ثانية، فالتطورات الميدانية وما يصاحبها من تغطيات سياسية وإعلامية، باتت تميل لـ”دمج” النصرة في قائمة “ثوار سوريا” حتى بعد أن رفض أميرها “الفاتح أبو محمد الجولاني” مراراً وتكراراً مختلف الضغوط والوساطات التي سعت إلى فك ارتباطه الرسمي بالقاعدة، و”تحريره” من “بيعته” لأيمن الظواهري على السمع والطاعة. لا شك أن مثل هذه المعطيات والتطورات وغيرها، باتت في عهدة واشنطن، التي ما زالت تدرج النصرة في عداد المنظمات الإرهابية وتعطي أولوية للحرب على الإرهاب بخلاف حلفائها المنهمكين بأولوية التصدي للتمدد الإيراني ... كيف ستتصرف واشنطن في قادمات الايام، هل ستمارس ضغوطاً على حلفائها لضبط إيقاع الحرب التي تقودها على الإرهاب، أم أنها ستبادر إلى تقديم “جائزة ترضية” ثانية لهم، بعد جائزة الترضية الأولى في “عاصفة الحزم” في اليمن، من أجل تسهيل تمرير الاتفاق النووي مع إيران؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبهة النصـرة أو «ثوار سوريا» جبهة النصـرة أو «ثوار سوريا»



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 23:17 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مناقشة استخدامات البلوك تشين في التعليم العالي

GMT 09:45 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

طقس غير مستقر في معظم المناطق المغربية

GMT 20:17 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

العثماني يتلقى الضوء الأخضر لتعيين وزير جديد في حكومته

GMT 04:58 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

صوماليات تمارسن الرياضة وتضربن بالتقاليد عرض الحائط

GMT 06:52 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

حذاء "كيتن" بالكعب العالي يتألق على عرش موضة 2017

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة توضح مزايا ثمرة التوت الأزرق بالنسبة للأطفال

GMT 07:53 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

رينج روفر مدعمة ببطارية لقيادتها كهربائيًا لمسافة 51 كم

GMT 10:38 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

باحثون يكتشفون ضفدع الشجرة من جديد بعد إعلان انقراضه

GMT 00:34 2017 الخميس ,27 تموز / يوليو

مارك فوت ينتقد أداء اللاعبين أمام جزر موريس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca