خطة «القسام»: اليأس حين يصبح سياسة

الدار البيضاء اليوم  -

خطة «القسام» اليأس حين يصبح سياسة

بقلم - عريب الرنتاوي

الكثير من الغموض ما زال يحيط بما قيل إنه “خطة رباعية” تقدمت بها كتائب القسام إلى حركة حماس وحكومتها، وهي الخطة التي عرفت أيضاً باسم “خطة خلق الفراغ في القطاع”، وتقترح انسحاب الحركة من إدارة القطاع وترك القضايا الميدانية والأمنية الكبرى للكتائب، على أن تتولى “داخلية حماس” الأمور الشرطية – المدنية، وتقوم مؤسسات أخرى بتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.
خليل الحية أكد وجود الخطة وصلاح البردويل نفى وجودها ... لكن من يقرأ ما تسرب عن الخطة يجد أن بعضها يناقض بعضه الآخر، فما الدور الذي ستقوم به كتائب القسام والأذرع الأخرى في الإطار الميداني – والأمني الأوسع، هل ستواصل السهر على تنفيذ مقتضيات التهدئة المبرمة مع إسرائيل والاتفاقات والتفاهمات المعقودة مع مصر، أم أنها ستترك حبل القطاع على غاربه، فتعاود الصواريخ مجهولة الأب والأم الانطلاق صوب أهدافٍ إسرائيلية، ويتحول القطاع ملاذاً لإرهابيي سيناء، وقاعدة خلفية للسلفية الجهادية، بالضد مما اتفقت عليه مع القاهرة؟
ما الذي ستتخلى عنه حماس بالضبط، وفقاً للخطة المفترضة؟ ... هل ستحل اللجنة الإدارة التي شكتها في آذار/ مارس الفائت؟ ... هل ستتوقف عن إدارة عمل الوزارات وتكتفي بإبقاء قبضتها الأمنية على القطاع؟ ... ما هي الخدمات التي ستقدمها شرطة حماس لأهل القطاع، ومن سيمول هذه الخدمات، ومن يدفع الرواتب ومن سيجبي الضرائب والرسوم، ولصالح من؟
هل تريد حماس المقامرة بالتهدئة مع إسرائيل والتقارب مع مصر نكاية بالرئيس عباس ورداً على إجراءاته الأخيرة؟ ... هل تستطيع حماس تحمّل كلفة قرار من هذا النوع؟ ... أليس هناك خشية من شيوع الفوضى في أرجاء القطاع، ومن قال إن الفوضى في حال اندلاعها لن تعصف بنفوذ حماس وحكمها وتشكيلاتها، وتفتح باب القطاع لفوضى السلاح والمسلحين والمليشيات والجماعات المسلحة؟ ... اعتدنا في تجارب حركات التحرر سعي هذه الحركات لـ “ملء الفراغ”، ربما هي المرة الأولى التي تبادر فيها حركة لاقتراح “خلق الفراغ” حلاً لمشكلاتها ومشكلات شعبها.
هل تعتقد “الكتائب” أنها باقتراحها هذا، إنما تستدعي ضغوطاً عربية وإقليمية وإسرائيلية على السلطة للتراجع عن إجراءاتها الأخيرة، تحت ضغط الخشية من تفشي الفوضى في القطاع وانهيار أطر سلطة الأمر الواقع القائمة فيه؟ ... هل فكرت “الكتائب” بردة الفعل المحتملة للسلطة وفتح والرئاسة على خطوة من هذا النوع؟ ... هل ستدفع الخطة الرئيس عباس للتراجع عن قراراته الأخيرة، أم تزيده قناعة بفاعلية إجراءاته وصوابية رهاناته؟
إن كانت حماس “زاهدة في حكم القطاع، وتنوي فعلياً تركه للفراغ السلطوي، فلماذا لا تسلك الطريق الأسهل والأقصر، وأعني به حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة الوفاق من بسط سلطتها على القطاع، وترتيب أمر المعابر ورفع الحصار عن القطاع وإنهاء مفاعيل الإجراءات التي اتخذها الرئيس مؤخراً؟
الهرب إلى الأمام، أو اللجوء إلى خيار “هدم المعبد/خيار شمشون” ليس حلاً لمشكلة حماس في غزة، أو مشكلة غزة مع حماس ... الحل بالمبادرة إلى تفعيل مسار الحوار والمصالحة، وتقديم التنازلات للشريك الفلسطيني، والكف عن البحث عن مخارج و”طرق التفافية” تارة باللعب بورقة الدحلان، وطوراً بالتلويح بخيارات وبدائل، من شأنها أن تحرق أصابع الجميع في القطاع، ومن بينهم، إن لم نقل في مقدمتهم، حركة حماس ذاتها.
وأحسب أن “خطة خلق الفراغ” هذه، قد تشكل مناسبة لتجديد المبادرات والدعوات لإغلاق ملف الانقسام، طالما أن البحث اليائس عن حلول ومخارج، قد بات يدفع للتفكير بخيارات انتحارية، وفي ظني أن حالة الارباك التي تعيشها الحركة، كما تتجلى في الخطة ذاتها، وفي نفيها وتأكيدها، إنما تعكس ضيق الحركة بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الرئاسة الفلسطينية، على الرغم من ردود الفعل المكابرة التي قللت من شأن الإجراءات، وتوعدت برد كيد أصحابها إلى نحورهم.
ونجدها مناسبة لتجديد الدعوة بأن يجرب طرفا الانقسام ولو لمرة واحدة، فكرة تقديم التنازلات لبعضهم البعض ولشعبهم ابتداءً، بدل الاستقواء بالخارج، أياً كان هذا الخارج ... ولقد جربت حماس على وجه الخصوص، هذا التكتيك، مثلما جربته فتح في مرات عديدة سابقة، فلم تحصد سوى الخيبات المتعاقبة، واحسب أن منطق الخطة ومنطوقها، يجسدان الخيبة من جديد، ولا أكثر من ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطة «القسام» اليأس حين يصبح سياسة خطة «القسام» اليأس حين يصبح سياسة



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية

GMT 05:12 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تيريزا ماي تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حرباء متغيرة اللون يمتد لسانها لـ60 ميلًا لصيد فريستها

GMT 22:38 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

قميص نيمار يظهر في الملعب قبل مواجهة ألمانيا

GMT 01:22 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المدافئ الكهربائية تتغلب على النمط التقليدي بأناقتها المميزة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca