مرة أخرى، عن «سلطة» حماس و«مقاومتها»

الدار البيضاء اليوم  -

مرة أخرى، عن «سلطة» حماس و«مقاومتها»

بقلم - عريب الرنتاوي

لم تمضِ سوى سويعات قلائل على حفلات «التهليل والتكبير» بـ»دك تل أبيب»، و»انتصار خيار المقاومة»، والتي جاءت مصحوبة بحملة «هجاء وردح» للسلطة والمنظمة والرئاسة، حتى جاءنا الخبر اليقين، ومن حماس ذاتها، متبوعاً ببيانات مماثلة لحلفائها وتابعيها: صواريخ مجهولة، مارقة، خارجة على الإجماع الوطني، ووعود بتقصي الحقائق والبحث عن الفاعلين.
ولم تمض سوى سويعات على إطلاق التقديرات التي ذهبت في كل اتجاه، وتحديداً لجهة تلقين نتنياهو درساً لن ينساه، وإسقاطه في الانتخابات المقبلة، والثأر للأقصى وباب الرحمة، والحرب الضروس التي لن تبقي ولن تذر، حتى جاءت المواقف والتصريحات «المُطمئنة»، ومن الوسيط الأمني المصري: الفصائل لا تريد تصعيداً، والتهدئة الهشة ما زالت على السكة، وإسرائيل كذلك لا تريد الذهاب إلى حرب مفتوحة.
غزة ومخيماتها، التي كانت أمس الأول مسرحاً لأعنف المواجهات بين المحتجين والمتظاهرين السلميين من جهة وشرطة حماس وميلشياتها من جهة ثانية، كانت على موعد مع حرب إسرائيلية جديدة، ليس هناك ما يدعو للاطمئنان التام بأنها لن تقع، ولكن المؤشرات تبعث الأمل بإمكانية تفاديها ... ثمة رابط بين الأمرين/الحدثين، غير مباشر،  وربما مباشر، فكلما اشتد الخطر الإسرائيلي أو بات العدوان وشيكاً، كلما سارع الفلسطينيون إلى طي صفحة خلافاتهم ومطالباتهم، وكلما صار بمقدور حماس أن تشدد قبضتها، كيف لا والعدو واقف على الأبواب، يتحين الفرصة للانقضاض على «القلعة» من خارجها، فهل تريدون أن تكونوا «حصان طروادة» الشهير بقدرته السحرية على إسقاط القلاع والحصون من داخلها؟
سواء أكانت صواريخ «مشبوهة» أم «غير منضبطة»، أو كانت صواريخ «مصممة» لاستدعاء الخطر الخارجي، والتغطية على اهتزاز قبضة حماس على شعبها في قطاع غزة، فإن النتيجة التي لا تخطئوها عين مجربة: إن «خيار المقاومة الصاروخية»، كما هو خيار «المقاومة الشعبية – السلمية» مجسداً في «مسيرات العودة الكبرى»، قد بات يخضع لحسابات «سلطة» حماس وليس «مقاومتها»، ويخدم غرض «تمديد» حكمها الذي أظهر فشلاً جلياً إن في حماية خيار المقاومة، أو في تامين الاحتياجات الضرورة للقطاع وأهله.
لقد فشل خيار حماس في الجمع ما بين «السلطة» و»المقاومة»، وتوالي الأيام يظهر بما لا يدع مجالاً للشك، بأن أولويات السلطة عند حماس تتقدم على مقتضيات المقاومة ... لكن مأزق الحركة يكمن في عجزها عن التخلي عن أي من الخيارين: فالأول، خيار السلطة، بات جزءاً مكوناً من خطاب وممارستها ومصالحها، فيما الثاني، خيار المقاومة، هو مصدر «الشرعية» الذي على مشجبه تعلق كافة أخطاء وخطاياها... خيار السلطة بات خياراً وجودياً، فيما خيار المقاومة هو الوسيلة الوحيدة المتبقية للتغطية على فشل السلطة وعجزها التامين.
آن الأوان، لوقفة مراجعة استراتيجية في مضمونها، تجريها حماس مع نفسها أولاً، وتنفتح بنتائجها وخلاصاتها على شعبها ثانياً... لا يمكن إبقاء مليوني فلسطيني، بل والحالة الفلسطينية برمتها، أسرى وأسيرة لحالة المراوحة بين خيارين متناقضين ... لا يمكن الاستمرار بهذا الانفصال والانفصام بين الخطاب والممارسة ... لا يمكن القبول باستسهال تقديم التنازلات للأعداء والخصوم على مذبح السلطة وبقائها، فيما يتعين على الشعب الفلسطيني، وتحديداً الغزيين، البقاء رهائن بانتظار ظهور «النتائج المخبرية» لما تجربه حماس في غزة وعليها، فالقطاع بأهله وعذاباته، ليس «صالة للفن والتجربة»، إنها حاضنة لقطاع أساسي وريادي من الشعب الفلسطيني، المهدد بخسارة جيل كامل من أبنائه لفرصهم في الصحة والتعليم والعمل والعيش الكريم، ودائماً على مذبح «شعاراتية» مفرغة من أي مضمون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة أخرى، عن «سلطة» حماس و«مقاومتها» مرة أخرى، عن «سلطة» حماس و«مقاومتها»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca