أخر الأخبار

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

الدار البيضاء اليوم  -

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

تاريخياً، نظر "التيار المركزي" في إسرائيل إلى الأردن، بوصفه "منطقة عازلة" تفصلها عن تهديدات صعود الناصرية والتيار القومي – البعثي في كل من العراق و سوريا، واعتبرت أمن الأردن واستقراره، ركناً من أركان "نظرية الأمن القومي" الإسرائيلية، وضمانة لأمنوهدوء أطول حدود بين العرب والإسرائيليين…حتى أن هذه الفرضية، باتت من المسلمات التي يرددها دبلوماسيون وباحثون وإعلاميون، عرباً وأجانب، من دون مواكبة أو تمحيص.

قد تكون هذه القراءة صحيحة طيلة نصف القرن الأول من عمر "الدولة العبرية"، وإن كانت لا تنفي وجود قراءات أخرى، أكثر عدوانية تجاه الأردن، بيد أنها كانت تعبر عن وجهات نظر "جيوب" يمنية متطرفة...لكن المشهد في ربع القرن الأخير، تغير، وتغير على نحو جذري.

فـ"التيار المركزي" في إسرائيل، تعرض لاهتزاز جوهري في بنيته وتركيبته وطرائق تفكيره...لم يعد اليسار الصهيوني وحركة العمل (الماباي)، في قلب هذا التيار، بل على هامش الخريطة الحزبية والسياسية، انزاحت إسرائيل برمتها صوب اليمين الديني والقومي، وتضاعفت أعداد المستوطنين، وتعزز نفوذ "لوبي الاستيطان" في السياسات ومؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، وما كان "يميناً" من قبل، صار أكثر "يمينيةً" أو نشأت على "يمينه" أحزاب وجماعات، أكثر تطرفاً، فحولته إلى "مركز" جديد في الحياة الحزبية الإسرائيلية.

وكان من الطبيعي، أن تتأثر نظرة إسرائيل للأردن، تبعاً لهذه الانزياحات، وأن يفضي التبدل في توازنات القوى داخل المنظومة الحزبية الإسرائيلية، إلى تغيير في نظرتها للأردن، كياناً وقيادة، موقعاً وأدوارا...لننتهي اليوم، إلى وجود مدرستين اثنتين في التفكير الإسرائيلي الاستراتيجي الجديد حيال الأردن:
واحدة، قديمة، وتنطلق من نفس الأسس والفرضيات التي أفضت إلى الاستنتاج بأن أمن الأردن جزء من أمن إسرائيل...وجهة النظر هذه ما زالت مبثوثة في المستويين الأمني والعسكري، أما في المستوى السياسي، فنحد آثارها عند جيل القدماء من سياسيي إسرائيل، وغالباً، المتحدرين من خلفيات يسارية، أو من جنرالات الجيش المتقاعدين، الذين تحولوا إلى العمل السياسي، الحزبي، البرلماني والحكومي.

أما الثانية، فهي متغلغلة في أوساط اليمين التوراتي – الديني، واليمين القومي الاستيطاني العنصري المتطرف، وهي مبثوثة في أوساط أحزاب يمينية ودينية بأكملها، كما أن لها رجع صدى عند تيارات وشخصيات في أحزاب تبدو أقل تطرفاً وأقل إيغالاً في "إيديولوجيا أرض إسرائيل الكاملة".

أولويات هذه المدرسة تبدو مختلفة، فهي تنظر للضفة بوصفها "يهودا والسامرة"، وجزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل "الموعودة"، تؤيد التوسع الاستيطاني المنفلت من كل قيد وعقال، وتروّج للضم، كل أو معظم أجزاء الضفة الغربية، والقدس بالنسبة لها، هي العاصمة الأبدية الموحدة، التي تملي "تطهيرها" من الوجود العربي، بكل طرق التمييز والتضييق والتمييز العنصرية.
من يتبنى مواقف وسياسات من هذا النوع، يعرف تمام المعرفة، أنها تصطدم بمصالح الأردن وحساباته وحساسياته في الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وتتضارب مع "الرعاية الهاشمية" للأقصى والمقدسات...من يرفض استقلال الفلسطينيين، أو "الانفصال عنهم"، حتى بذريعة حفظ الهوية اليهودية لدولة إسرائيل، من يرفض حل الدولتين والدولة الواحدة، لا بد يفكر ببدائل أخرى، من نوع "الحل خارج فلسطين"، في الأردن وعلى حساب الشعبين الأردني والفلسطيني.

مثل هذا السيناريو، لا يقيم وزناً لأمن الأردن واستقراره، بل يُرجح كفة "الفوضى" و"الفلتان" فيه، على أمل تعبيد الطريق لحلول خارج فلسطين...ما قالته سميدار بري قبل يومين عن نتنياهو الكاره للأردن، والذي يبحث عن بدائل لقيادته حتى من خارج العائلة الملكية: "جنرال" على سبيل المثال، يندرج في سياق تفكير هذه المدرسة، وهو تفكير ليس حديثاً على أية حال، لكنه بات يمثل "تياراً مركزياً" في إسرائيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 06:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 08:34 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 08:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 01:51 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني جهشان يعلن عن حالات وطرق رتق غشاء البكارة

GMT 03:40 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع عدد السياح في تونس إلى 6.2 ملايين خلال 2018

GMT 05:35 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

"حافة العالم" طبيعة سعودية أقرب إلى الخيال

GMT 20:59 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

مميزات قضاء شهر العسل في مدينة فيلاخ

GMT 10:18 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

تفاصيل " المندرة " عمل مسرحي عن "كورونا"

GMT 07:03 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مصمم الأزياء إيلي صعب يُطلق فساتين زفاف detachable 2019""

GMT 17:49 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

متحف "برادو" في مدريد يحتفل بمرور 200 عام على افتتاحه

GMT 06:38 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

وفاة الفنان جميل راتب بعد صراع طويل مع المرض
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca