خطوة في الاتجاه الخطأ

الدار البيضاء اليوم  -

خطوة في الاتجاه الخطأ

بقلم : عريب الرنتاوي

أخطأ الثنائي اليمني (صالح/الحوثي)، بقرارهما تشكيل «حكومة وفاق وطني»، وفي هذا التوقيت بالذات … فلا هي حكومة بالمعنى الشرعي للكلمة، ولا هي توافقية من حيث طبيعتها ومكوناتها … أما من حيث التوقيت، فقد اختار هذا الفريق التوقيت الأسوأ للإعلان عن قراره، بعيد أيام وأسابيع على إطلاق مبادرة ولد الشيخ/ كيري، والتي جاءت في العموم، متضمنة لما يعطي هذا التيار ما يطالب به في ترتيبات ما بعد الحرب اليمنية.

لن يعترف أحدٌ من خارج الدائرة الضيقة من حلفاء هذا الفريق بهذه الحكومة، ما يعني أنه لن تكون هناك، أية «قيمة مضافة» على قرار من هذا النوع … ولن يقدّم تشكيل حكومة ولن يؤخر فيما يتصل بإدارة الشؤون اليومية للمناطق الخاضعة لولاية هذا الفريق… والمؤكد أنها لن تمهد الطريق للوفاق والتوافق الغائبين عن المشهد اليمني المنقسم على نفسه، والمتورط في حرب أهلية مفتوحة، فما الحاجة لخطوة كهذه، ليس من شأنها سوى تكريس الانقسام وتعقيد مهمة ولد الشيخ.

قبل خطوة تشكيل «الحكومة»، كان الرئيس عبد ربه منصور هادي وفريقه، هما المسؤولان عن تعطيل مهمة ولد الشيخ … وظهر هذا الفريق بمظهر المعطل لمسارات الحل السياسي للأزمة اليمنية، وبدأ يعاني اشتداد اطواق العزلة من حوله، استحق الضغوط من الرباعية الدولية الخاصة باليمن، وبدأ يتحول إلى عبء على حلفائه ورعاته .

بعد الخطوة (الشمالية) أحادية الجانب، اكتسب خطاب هادي المهزوز، مزيداً من الصدقية، وبات بمقدور الرجل أن يتوسع في الحديث عن «النوايا الخبيئة والخبيئة» للفريق الآخر، وتحول الانتقاد الأممي والدولي من كيل الاتهام لفريق الرياض/ عدن، إلى توجيه الانتقادات والاتهامات لفريق مسقط/ صنعاء … وبعد ذلك، يصدر عن صنعاء ما يشي بالدهشة والاستغراب من قرارهم الأحادي تشكيل حكومة يمنية ثانية، فهل كان هؤلاء يتوقعون أن يستقبل العالم قرارهم بالإشادة والترحيب؟ … أية حسابات سياسية هذه؟

قد يقول قائلهم، إنها خطوة استباقية، تستهدف تجميع المزيد من أوراق الضغط في مواجهة رفض فريق هادي للمبادرة الأممية واقتراحات جون كيري الأخيرة … وقد يقول آخر، إن السبب في استعجال هذا القرار، إنما يعود لمعرفة أكيدة توفرت للحوثي/ صالح، بأن هادي، مدعوماً من الرياض، يريد تجريب «آخر أوراقه» وإطلاق «آخر طلقة في جعبته»، وتحديداً على محور تعز … ولكن من قال أن الرد على هذا المخاوف والتحسبات، يكون بإعلان حكومة من جانب واحد، ألم يكن من الأجدى لهذا الفريق، أن يعلن استمساكه بمبادرات الحل، وأن يسعى في التفاوض بشأنها من موقع الحرص على إنهاء الحرب … وهل سيبدل قرار تشكيل الحكومة، من خطط التحالف وهادي بشأن تعز أو غيرها من المدن والجبهات المفتوحة، وهل فرص إسقاط هذه الخطط ستكون أفضل بتشكيل هذه الحكومة؟

ثم، من قال إن الإجراء «المؤقت» قد لا يتحول إلى إجراء دائم، وتصبح البلاد خاضعة حتى إشعار آخر، وربما للأبد، لنظامين وحكومتين، فيتحول التقسيم الواقعي إلى تقسيم رسمي؟ … وكيف نفسر اندلاع مظاهرات حاشدة في عدن وبعض مناطق الجنوب، تطالب بالانفصال بعد أيام قلائل من إعلان الحكومة؟ … هل هذا ما يريد الحوثي/ صالح؟ … ألم يوفر قرار تشكيل الحكومة فرصاً أفضل لرعاة تقسيم اليمن من العرب، لـ»شرعنة» توجهاتهم، والسير بخطى أسرع، وبنقد أقل، صوب تكريس حالة الانقسام والتقسيم في اليمن؟ اللهم إلا إذا وصل تحالف صنعاء، إلى خلاصة مفادها أن شعاراته بحفظ وحدة اليمن ورفض تقسيمه، قد وصلت إلى طريق مسدود، وأنه يتعين تكريس الانفصال والاكتفاء بما لديه وتحت سيطرته من مدن اليمن وسكانه ومحافظاته؟

أخطأ الحوثي/ صالح بقرارهما تشكيل حكومة ثانية، حتى وإن اعتبروا الإجراء تكتيكياً ومؤقتاً، ردود الفعل على هذا القرار تكشف ذلك تماماً … والأهم، أن فريق صنعاء سيحد نفسه مكبلاً بخطوته هذه، فلا الاستمرار فيها سيعطي الأثر المطلوب، ولا التراجع عنها يمكن أن يتم بسهولة و دون إراقة الكثير من ماء الوجه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطوة في الاتجاه الخطأ خطوة في الاتجاه الخطأ



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca