حين يسخر مارتن إنديك من بنيامين نتنياهو

الدار البيضاء اليوم  -

حين يسخر مارتن إنديك من بنيامين نتنياهو

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لا يجرؤ أحد على اتهام مارتن إنديك بمعاداة السامية أو التنكر لمصالح إسرائيل وتفوقها...الرجل معروف بخدماته الجليلة لدولة الاحتلال على مر السنين والعقود، ومن مواقعه المختلفة في عدة إدارات أمريكية...بيد أنه منذ زمن، لا يكاد يترك مناسبة من دون أن يوجه خلالها سهام نقده اللاذع إلى ظهر نتنياهو.
 
آخر ما صدر عنه، سخريته في واحدة من "تغريداته" الأخيرة، من احتفالية نتنياهو بنجاح "مقولته": "السلام مقابل السلام"، على اعتبار أن السلام المبني على القوة، لا يستوجب دفع أي ثمن في المقابل، لا الأرض، ولا "تعليق الضم" ولا القبول بتزويد أيٍ من دول المنطقة بـ"سلاح كاسر للتوازن".
 
إنديك قال إن دولاً عربية تريد السلام والتطبيع، بيد أنها تريد مقابلاً له...السودان يريده مقابل رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات المفروضة عليه...المغرب يريده مقابل إقرار لا لبس فيه، بـ"مغربية" الصحراء الغربية"...الإمارات علقت اجتماعاً ثلاثياً في واشنطن مع إسرائيل وتحت رعاية إدارة ترامب، لأنها تريد "طائرات F35"، كما قال.
 
الحقيقة أن نتنياهو، لا يمانع "دفع الثمن" لأي دولة عربية تريد سلاماً وتطبيعاً مع إسرائيل، شريطة ألا يكون هذا الثمن من "كيس" إسرائيل الطافح بالحقوق الفلسطينية المصادرة والأراضي المضمومة أو "قيد الضم"...إسرائيل لا تمانع السلام والتطبيع مع أي دولة عربية أو إسلامية، بل ترحب بذلك، وتسعى إليه، شريطة ألا يترتب على ذلك، خسارتها "لتفوقها الاستراتيجي النوعي"، كما قال ويقول كبار قادتها السياسيين والعسكريين، حتى أنها لا تقبل بـ"التعادل" أو "الندية" مع دول تعرض عليها الصداقة والتحالف الاستراتيجي.
 
قد تكون إسرائيل مطمئنة لنوايا حكام وحكومات قائمين، بيد أنها تجري حساباتها على الأمد البعيد، وتتحسب لتعاقب الأزمان وتبدل الأنظمة والحكومات، ومن باب الحرص والسلامة، فهي لا توافق ولا تجيز تمرير أي سلاح "كاسر للتوازن"، حتى لدول تعرض صداقتها وتحالفها...من هنا تبدو معادلة "السلام مقابل السلام"، صحيحة فقط إن كان المقصود بها الامتناع عن تقديم تنازلات لصالح الفلسطينيين، إما المعادلة على إطلاقها فهي ليست صحيحة بحال.
 
لا يضير إسرائيل أن يُرفع اسم السودان من اللائحة السوداء للدول الراعية للإرهاب، بعد سلسلة التحولات التي طرأت على مواقفه ومواقعه على خرائط التحالفات الإقليمية، ليس الآن أو بعد ثورة ديسمبر الشعبية فحسب، بل وقبل ذلك، وزمن الرئيس المخلوع عمر حسن البشير.
ومن مصلحة إسرائيل تحييد ما يقرب من مئة مليون مواطن "مغاربي"، بإشغالهم إلى "يوم الدين" في نزاعات حدودية، حول الصحراء أو غيرها...وإسرائيل كما قال قادتها أكثر من مرة، لا ترغب في التعامل مع حكومات عربية ديمقراطية منتخبة، ومعبرة عن إرادة شعوبها، فهي تعلم علم اليقين، أنها لن تكون موضع ترحيب أبداً، لو قُدّر للشعوب العربية أن تستعيد زمام قرارها...إسرائيل تفضل التعامل مع الدكتاتوريات والجنرالات.
 
وإسرائيل تتطلع بشوق لتفتيت المشرق والمغرب والخليج واليمن وحوض النيل، ومن "أحلامها السوداء"، أن تصبح "دولة الأقلية الأكبر" في "فسيفساء" الشرق الأوسط، ولذلك نراها تعمل بشغف لتفتيح قنوات التواصل مع جميع الحركات الانفصالية والتفتيتية المسلحة في منطقتنا، من شرق ليبيا إلى جنوب اليمن وقبله جنوب السودان وصولاً إلى شمالي سوريا والعراق، إن تحت مظلة الشعار القومي أو الديني أو المذهبي...إسرائيل دائماً مستعدة لدفع ثمن التطبيع والسلام مع هذه الأطراف، طالما أن هذا الثمن، ليس من كيسها، ويخدم مرامي وأهداف مشروعها الأبعد...إسرائيل تجيد لعبة دعم "العصابات" و"المليشيات" كذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يسخر مارتن إنديك من بنيامين نتنياهو حين يسخر مارتن إنديك من بنيامين نتنياهو



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca