أخر الأخبار

في وداع كوربن وساندرز

الدار البيضاء اليوم  -

في وداع كوربن وساندرز

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

بين وصول جيرمي كوربن إلى "خط النهاية" في مشواره السياسي على المسرح البريطاني، وانسحاب بيرني ساندرز من السباق نحو البيت الأبيض، مسافة من الزمن تمتد لقرابة الأربعة أشهر، هي ذاتها المسافة الزمنية التي تمدد عليها فيروس كورونا وتفشى، قبل أن يصبح وباءً عالمياً، أو "جائحة"، وفقاً للتعبير الدارج في وصف الكارثة.

جيرمي كوربن نجح في طي صفحة طوني بلير على رأس حزب العمال البريطاني، وهي حقبة تميزت بتفاقم النزعة "الأطلسية" للحزب، وتفشي تبعية بريطانيا للسياسات الأمريكية، فضلاً عن دعمها المطلق لإسرائيل وتنكرها لحقوق الفلسطينيين ومصالحهم، محاباة "اللوبي اليهودي" على حساب البريطانيين من أصول عربية وإسلامية، ولن يغفر التاريخ لرئيس الوزراء الشاب، تورطه في "دبلجة" الأكاذيب التي برر بها هو وجورج بوش الابن، اجتياحهم للعراق واحتلالهم لبغداد.

على الضفة الأخرى للأطلسي، كان بيرني ساندرز، يقود تياراً متنامياً داخل الحزب الديمقراطي، مدعوماً بالذات من قاعدته الشبابية والأقليات والطبقة العاملة، صوب خيارات سياسية لم يعهدها الحزبان الكبيران، لا الجمهوري ولا الديمقراطي، وجّه انتقادات لاذعة للسياسة الإسرائيلية، وعبر بقوة عن رفضه لـ"صفقة القرن" من دون أن يستبعد إعادة السفارة الأمريكية إلى تل أبيب بعد أن قام دونالد ترامب بنقلها إلى القدس، أقام علاقات طيبة مع الأمريكيين العرب والمسلمين، واتخذ مواقف متوازنة من النزاعات الدولية.

خروج الرجلين من المسرح السياسي في بلديهما تزامن مع اندلاع "جائحة كورونا"، وتلكم مفارقة غريبة – عجيبة، إذ ربما كانا الخيار الأفضل للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتحديداً للسواد الأعظم من شعبي البلدين، لمواجهة الجائحة...بوريس جونسون بشّر بنظرية "مناعة القطيع" وترك أبواب القبور الجماعية مشرّعة لعشرات أو مئات ألوف البريطانيين المصابين ... فيما دونالد ترامب يعتبر أن وفاة مائة ألف أمريكي (فقط) يُعدُّ قصة نجاح لإدارته، بحجة أن التقدير الأولي للخسائر ذهب أبعد من ذلك ... في عهدي أكثر رموز اليمين الشعبوي بشاعة، اضطر العاملون في الحقل الطبي لارتداء أكياس النفايات لحماية أنفسهم من فيروس كورونا، وتُرك المواطنون الأضعف نهباً للخوف والقلق والمرض.

يساريان خاضا غمار السباق على البيت الأبيض و10 داوننغ ستريت، جوبها بمقاومة ضارية من قبل "المؤسسة الرسمية"، داخل حزبيهما وفي "الدولة العميقة"، وشُيدت على طريقهما السدود والعوائق المنيعة للحيلولة دون استحداث انعطافة نوعية (استراتيجية) في سياستي الدولتين الكبريين، الداخلية منها والخارجية، وانتهى بهما الأمر خارج الحلبة السياسية.

ساندرز تخلى عن حملته الرئاسية لصالح جو بايدن، مرشح فاشل، خاض انتخابات سابقة وخسرها، لا شخصية ولا كاريزما، من المتوقع أن "يُسحق" في أول مناظرة له مع ترامب ... وكير ستارمر سيحل محل كوربن على رأس حزب العمال، وهو أيضاً رجل بلا شخصية ولا كاريزما، وهيهات أن ينجح في إعادة لملمة صفوف الحزب، ومن المتوقع بان يعود بسياسات "العمال" إلى عهد طوني بلير، إذ بدأ مشواره السياسي بالاعتذار من الجالية اليهودية على ما أسماه "لا سامية" اجتاحت صفوف الحزب، في إشارة إلى دعم كوربن للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وانتقاداته لسياسات إسرائيل التوسعية والعدوانية العنصرية.

يغيب الرجلان عن المسرح، بعد أن برهنت الجائحة حاجة العالم إلى "ديمقراطية اجتماعية"، تخفف من غلواء ونهم "الليبرالية الجديدة"، فتترك الفئات الشعبية والفقيرة من دون ظهير ... يغيب الرجلان، فيما الفلسطينيون يواجهون العنصرية والعدوانية التوسعية مدعومة باليمن الشعبوي في واشنطن ولندن، ومن دون نظير قوي لهما في العاصمتين، تكبح جماح اليمين الإسرائيلي المندفع لتصفية قضيتهم وحقوقهم وذاكرتهم وإرثهم التاريخي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في وداع كوربن وساندرز في وداع كوربن وساندرز



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 19:15 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 02:35 2014 الأحد ,12 تشرين الأول / أكتوبر

معهد "نعمان" يعيش على إيقاعات مسابقة الرقص الأمازيغي

GMT 06:34 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

أودي تكشف عن سياراتها 2.0Q2 TFSIبخدمات مميزة

GMT 02:58 2016 الثلاثاء ,02 آب / أغسطس

إيساف ينشر صور تحضيره لكليب أغنية "الحقيقة"

GMT 01:44 2017 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

ريهام حجاج تعد جمهورها بمفاجأة في "رغدة متوحشة"

GMT 04:28 2017 الثلاثاء ,28 آذار/ مارس

غدير موسى تبدع في تصميم المشاريع العقارية

GMT 03:45 2016 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "هيونداي" تطلق "جينسيس G90" الفارهة المميزة

GMT 14:51 2016 الجمعة ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسعار العملات العربية والدولية مقابل الدرهم المغربي

GMT 02:35 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

نائب رئيس الوزراء اليمني يلتقي المبعوث الأممي

GMT 02:38 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"الوصية" مسلسل كوميدي يجمع "أبوحفيظة" ومقدم "البلاتوه"

GMT 10:17 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

جد يرمي حفيده الصغير بفرن ساخن في روسيا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca