ما الذي تريده واشنطن ولندن من لبنان؟

الدار البيضاء اليوم  -

ما الذي تريده واشنطن ولندن من لبنان

بقلم - عريب الرنتاوي

تطوران هامان شهدتهما حلبة السياسة الدولية حيال لبنان مؤخراً: الأول؛ ويتمثل في قرار الحكومة البريطانية إدراج الجناح السياسي لحزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية فضلاً عن جناحه العسكري المدرج على القائمة ذاتها منذ سنوات عديدة ... أما التطور الثاني فيتجلى في المواقف التي عرضها ديفيد ساترفيلد مساعد وزير الخارجية الأمريكية الذي يجول حالياً في المنطقة توطئة لجولة مايك بومبيو، والمتعلقة بالحزب ذاته، حيث ذهبت مواقف المسؤول الأمريكي مع كل من التقاهم في بيروت، باتجاه التحريض على الحزب، وحث الأطراف اللبنانية على عزله وتجنب خياراته، حتى لا يواجه هذا البلد الصغير عواقب ليست محمودة.
من حق الحكومتين؛ البريطانية والأمريكية اتخاذ ما تشاءان من قرارات ومواقف وانتهاج ما تريانه مناسباً من سياسات واستراتيجيات ... ولكن من واجب هاتين الحكومتين أن تنظرا للأثر الذي يمكن أن تحدثه محاولاتهما فرض خيارات «مستحيلة» على بلد صغير بحجم لبنان، نجا بأعجوبة من الزلزال السوري وارتداداته المستمرة منذ ثماني سنوات ... من حق هذا البلد، أن يحظى بشبكة أمان إقليمية ودولية، تمكنه من تفادي الانزلاق في مربعات الفوضى والاضطراب والاحتراب الأهلي... من حق هذا البلد الصغير، أن يحذر الوقوع في حفرة عميقة لمجرد أن لندن وواشنطن تريدان معاقبة إيران أو استرضاء إسرائيل أو مغازلة بعض الدول.
بريطانيا تحتضن جماعة الإخوان المسلمين، وهي تنظيم أصولي كحزب الله، مع الفارق المذهبي، وبعض فروعها في العالم العربي، متورط بالدم المراق على مذبح حروب المحاور وحروب الوكالة من اليمن إلى سوريا، مروراً بمصر وليبيا وغيرها من دول المنطقة ... بريطانيا، تجري حوارات مع الحوثيين، فيما الدعاية البريطانية، والغربية عموماً تضع «أنصار الله» اليمنية في مكانة «الشقيق التوأم» لحزب الله اللبناني، وتصنفهما كأداتين لنفوذ إيران الإقليمي، وذراعين لفيلق القدس والحرس الثوري ... فكيف يمكن للحوار والتفاوض أن يكونا جائزين مع «أنصار الله»، حيث يصرف البريطاني مارتن غريفيت معظم وقته في صعدة وصنعاء والحديدة، ويلتقي الوزير جيرمي هانت ممثلي الحوثي في مسقط وستوكهولم، فيما السفير البريطاني كريس رامبلينغ يقاطع نشاطاً لوزارة الصحة اللبنانية؛ لأن الرجل الذي يتولى هذه الحقيبة محسوب على حزب الله، وليس عضواً عاملاً فيه كما يقول الحزب؟.
أما الولايات المتحدة، التي تقود أكثف حملات التحريض والتعبئة ضد حزب الله، وتضع اللبنانيين بين خيارين، أحلاهما مُرّ: إما الدولة العظمى وإما «دويلة الضاحية»، فهي تنخرط في مفاوضات مكثفة ومعمقة مع حركة طالبان، ويكاد موفدها زلماي خليل زاد أن يبرم اتفاقاً نهائياً مع أحد مؤسسي الحركة الأصولية والرجل الثاني فيها الملا عبد الغني برادر، وهي الحركة المصنفة إرهابية، التي احتضنت القاعدة ورفضت التخلي عن أسامة بن لادن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ليبقى السؤال عن «المسطرة» التي تقيس بها واشنطن خطواتها وقراراتها، سؤالاً مشروعاً، يلقي بمزيد من الشك والظلال حول المعايير الأمريكية المزدوجة وسياسة الكيل بمكيالين.
أياً كانت مواقف العاصمتين الحليفتين «عبر الأطلسي»، من حزب الله أو إيران، فإن السؤال الذي يتعين على الدولتين الكبريين الإجابة عنه من دون مواربة: هل المراد بهذه الخطوات والسياسات «تفجير لبنان»، سيما وأنهما تدركان مثل غيرهما، بل وربما أكثر من غيرهما من العواصم ... إن «استثناء» حزب الله، واستهدافه إلى هذا الحد، والطلب إلى اللبنانيين إخراجه من «المعادلة السياسية والاجتماعية»، وفرض عقوبات على لبنان بـ «جريرة» حزب الله أو بـ»ذريعته»، هي أقصر الطرق لضرب الاستقرار الهش في هذا البلد، واستهداف أمنه وسلمه الاجتماعي، ونقل «الحرب في سوريا وعليها» إلى داخل حدوده، سواء صدر ذلك عن نية «حسنة»، وليس للنوايا الحسنة مطرحٌ في السياسة، أو عن «سبق الترصد والإصرار»؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تريده واشنطن ولندن من لبنان ما الذي تريده واشنطن ولندن من لبنان



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca