الصحوة القيمية" الأمريكية أمام محكّين: فلسطين و الديمقراطية

الدار البيضاء اليوم  -

الصحوة القيمية الأمريكية أمام محكّين فلسطين و الديمقراطية

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

سيل جارف من المقالات والمقابلات والتحليلات التي تجتاح الإعلام الأمريكي، المقروء والمرئي، وربما المسموع...ما أن تفتح صحيفة أو تشاهد نشرة لـ"سي_إن_إن"، حتى يداهمك الكتاب والمحللون والضيوف ومقدمو البرامج، بسيل من الأحاديث عن الحاجة لاستنقاذ الديمقراطية الأمريكية والذود عن منظومتها القيمية والأخلاقية...جنرالات، وزراء، مستشارو أمن قومي، مفكرون وباحثون وأكاديميون...الجميع "يبث" على موجة واحدة: استعادة صورة الولايات المتحدة ومكانتها كقوة رائد للديمقراطية وحقوق الانسان في العالم.

حسناً، هذا جميل، ولكن بشريطة أن تجتاز هذه "الصحوة" عدداً من "المحكّات" التي تنتظر إدارة جو بايدن، لا أن تقتصر على "تسوية الحساب" مع ترامب وفريقه وعائلته ومحاميه...تسوية الحساب مع "الترامبية" أمرٌ ضروري، ومرحب به، ويثير ارتياحنا نحن الذين قضينا آخر ثلاثة عقود من حياتنا السياسية نتطلع لانتقال ديمقراطي لبلادنا، بعد أن كان همّنا الأول والوحيد: منصب على استكمال مهام التحرر الوطني والقومي، من دون إيلاء قضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان القسط الذي تستحق من الاهتمام.

الاختبار/المحك الأول: فلسطين، فهي "المختبر" لكل النظريات والمدارس الفكرية، فيها وعلى أرضها، تُختبر جدية الالتزام بالمبادئ والقيم والأخلاق...لا يمكنك أن تكون مدافعاً عن الديمقراطية و حقوق_الانسان، وأنت تنحاز على نحو أعمى لإسرائيل، وتغمض عينيك عن أبشع جريمة بحق الإنسانية جرت مقارفتها في القرن العشرين، وهي مستمرة حتى يومنا هذا، وليس في الأفق المنظور، ما يشي بقرب "الخلاص"...كل هذه الرطانة، عن المنظومة القيمية والأخلاقية الأمريكية، ستسقط دفعة واحدة، ومن دون مقدمات، ما لم يجر انصاف الشعب الفلسطيني بتمكينه من حقوقه الوطنية، وما لم تجر محاربة العنصرية – الصهيونية، الأكثر بشاعة من عنصرية ترامب والعصابات التي دعمته في "غزوة الكابيتول"...العنصريون ملّة واحدة، هنا وهناك، ومقاومتهم مهمة مشتركة لكل من يحملون قيم الإنسانية في الحق والعدالة والانصاف والحرية وتقرير المصير...بخلاف ذلك، تكون قد سقطت في مستنقع النفاق والكذب وازدواجية المعايير.

نضال الفلسطينيين في سبيل حريتهم واستقلالهم وحقوقهم، هو جزء لا يتجزأ من النضال الكوني ضد العنصرية والشعوبية والعداء للآخر واستهداف اللاجئين والمهاجرين و النساء، ضد نظريات "النقاء العرقي" الفاشية، و"تفوق الرجل الأبيض" التي أنجبت "كوكلاكس كلان" و"براود بويز"...هذه حقيقة لا يجب أن تعيها إدارة بايدن فحسب، بل وان يعيها الفلسطينيون أنفسهم، الذين وجب عليهم التفكير بكيفية إعادة الارتباط بين حركتهم الوطنية، والحركة الكونية ضد العنصرية وبقايا الاستعمار والانكفائية اليمنية الشعبوية المتطرفة.

ينقلنا ذلك، إلى الاختبار/ المحك الثاني، الذي ستخضع له إدارة بايدن، ومن خلفها جوقة طويلة وعريضة، من المنافحين عن الحرية والتعددية والديمقراطية والمؤسسية و سيادة_القانون وحقوق الانسان...حين ستجد هذه الإدارة مضطرة للتعامل مع أنظمة وحكومات مستبدة، في هذا الجزء من العالم، بل وفي العالم بأسره...هنا، سيقع الاختبار الثاني، فإما أن تعاود الإدارة الجديدة انتاج سيرة الإدارة التي سبقتها، وتتصرف بعقلية "المرابي الجشع" و"رجل الأعمال الفاسد"، وإما إن تفعّل "الشرطية/ Conditionality" في علاقاتها الدولية...ترامب اتخذ من جميع المستبدين والديكتاتوريين أصدقاء له، فمن هم أصدقاء جو بايدن وإدارته الجديدة في المرحلة المقبلة؟...سؤال كاشف، عمّا إذا كنا أمام صحوة ضمير حقوقية وإنسانية وديمقراطية، أم أنها مجرد زوبعة في فنجان ترامب، وبهدف تسريع خروجه من البيت الأبيض، وضمان عدم عودته ثانية إليه...المهمة على أهميتها، لا ينبغي أن تقتصر على الداخل الأمريكي، يجب أن تتخطى بعدها القومي الأمريكي إلى الإطار الكوني الأرحب والأوسع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحوة القيمية الأمريكية أمام محكّين فلسطين و الديمقراطية الصحوة القيمية الأمريكية أمام محكّين فلسطين و الديمقراطية



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 03:11 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإسبانية تطلق النار على مغربي هتف "الله أكبر"

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أصالة نصري تعود إلى لبنان مجددًا بلا شروط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

عطور "أنفاس" تعزز الشعور بالسعادة

GMT 15:11 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

مالك الجزيري يتقدم في بطولة كيو غينج الصينية

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عطور "مارك جاكوبس" لإطلالة ساحرة برائحة الفواكه

GMT 12:49 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

أزياء "دولتشي آند غابانا" لخريف 2018 للرجل العصري بامتياز

GMT 15:35 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

رأي رياضي.. "البق ما يزهق"

GMT 08:53 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

"الأرصاد المغربية" تحذر من أمطار عاصفية في هذه المناطق

GMT 21:50 2012 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء جلسة نقاش مع أسانج في جامعة كمبريدج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca