عن «الحشد» و«الحزب»

الدار البيضاء اليوم  -

عن «الحشد» و«الحزب»

بقلم : عريب الرنتاوي

 الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل ضد مواقع وأهداف تتبع لـ»الحشد الشعبي» العراقي خلال الأسابيع الفائتة، وتحديداً لعصائب الحق و»حزب الله العراقي»، تغري بإجراء بعض المقارنات بين تجربتي «الحشد» في العراق و»حزب الله» في لبنان... مع أن الفاصل الزمني بين التجربتين يربو على الثلاثة عقود على أقل تقدير.
حزب الله نشأ كفصيل شيعي مسلح، بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني، وقد نجح في غضون سنوات قلائل في ملء الفراغ الناجم عن خروج قوات منظمة التحرير من لبنان وحالة الضعف التي أصابت الحركة والمقاومة الوطنيتين بعد ذلك... مذهبية الحزب، لم تقف سداً في طريق حصوله على غطاء شعبي من خارج بيئته المذهبية، طالما أنه كان يقاتل إسرائيل، ونجح في توجيه ضربات مؤلمة لها: مرة بتحرير الجنوب اللبناني من دون قيد أو شرط، وثانية بقتاله الشرس إبان حرب تموز 2006، حيث طافت شعبية الحزب وأمينه العام الآفاق، قبل أن يبدأ بفقدانها تدريجياً إثر «تورطه» في أحداث أيار 2008 في بيروت، وبالأخص بعد دخوله النشط والكثيف على خط الأزمة السورية، بصرف النظر عمّا يقال عن «قرارات الضرورة» التي وجد الحزب نفسه مكرهاً على اتخاذها.
الحشد الشعبي هو ثمرة فتوى «الجهاد الكفائي» لمرجعية علي السيستاني، وهو في معظمه امتداد و»تطوير» لفصائل وميليشيات شيعية كذلك، نشأ لمواجهة تنظيم «داعش»، وقد خاض معاركة شرسة كذلك ضد مقاتلي هذا التنظيم ... بيد أنه لم ينجح في كسب غطاء شعبي سنّي أو مسيحي أو غيره، كما حصل لحزب الله، وظلت «السمعة التي تطارده» بأنه حاصل جمع ميليشيات ولغت في الدم العراقي، ودائماً في سياق مذهبي كريه ومذهبي، لكن قتاله ضد تنظيم داعش أكسبه بعض التقدير وبعض الاحترام، وقليل من التأييد من قبل جماعات عراقية من داخل الطائفة الشيعية وخارجها.
في الوقت الذي كان فيه حزب الله يقترح مشروعاً يلتقي حوله العرب السنة والشيعة وغيرهم من المكونات في مواجهة إسرائيل، كانت بعض الفصائل المؤسسة للحشد، تطارد الجالية الفلسطينية في العراق وتنكل بها، وباسم المذهب والدين، كانت تقترف أبشع الجرائم (المليشيات السنيّة كانت تقترف جرائم أشد هولاً كذلك وعلى الخلفية ذاتها) ... حزب الله كان يمكن أن يكون مشروعاً توحيدياً، فصائل الحشد كانت مشروعاً تفتيتياً بامتياز.
اليوم إسرائيل تدخل على خط المواجهة الأمريكية مع إيران، فلم تعد تكتفي بضرب حزب الله في سوريا، بل أخذت تطارده في العراق من خلال استهداف الحشد الشعبي ... مثل هذا التطور، أن توالى فصولاً، سيضع الحشد الشعبي في قائمة القوى «المقاومة» لإسرائيل، طائعاً أم مرغماً ... هنا سيتحول هذا الجسم الذي نشأ في مواجهة الإرهاب، إلى كيان مقاوم، وسيبدأ الحشد بإعادة تشكيل صورته، وربما يحظى إن هو تصرف على نحو جريء وشجاع في مواجهة الضربات الإسرائيلية، بتأييد قطاع من العراقيين (والعرب) من خارج بيئته المذهبية.
في هذه الأثناء، وقبلها، كان حزب الله يخصص جزءاً رئيساً من عناصر قوته واقتداره لمواجهة إرهاب النصرة وداعش، وتحديداً في المناطق المتاخمة للحدود السورية مع لبنان ... مقاومة الحزب لم تقتصر على إسرائيل، بعد أن دخل على خط محاربة الإرهاب ... مقاومة الحشد للإرهاب لن تظل مقتصرة على محاربة داعش، بعد أن دخلت قضية «مقاومة» إسرائيل على أجندة الحشد، بإرادته أو بالضد منها.
إسرائيل التي ساهمت باحتلالها لبنان عام 1982 في خلق أسطورة حزب الله، تعمل اليوم، باستهداف «الحشد الشعبي» على خلق أسطورة جديدة، أسطورة الحشد... إسرائيل دفعت حزب الله للاقتراب من الحشد، ودفعت الحشد للبدء في التفكير بتمثل تجربة حزب الله ... حقاً، لقد أعيت الحماقة أصحابها ... عن حكومة نتنياهو أتحدث.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الحشد» و«الحزب» عن «الحشد» و«الحزب»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 14:23 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عبدالرحيم الوزاني يطالب لقجع بجلب مقر "الكاف" إلى المغرب

GMT 19:03 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

فيلم «نائب».. عبقرية الكوميديا السوداء

GMT 21:54 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

أفضل زيوت تدليك الجسم و المساج

GMT 09:41 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

عماد متعب ويارا نعوم يكشفان أسرار حياتهما في "كل يوم"

GMT 21:47 2017 الجمعة ,07 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف وضع على عراس في "تيفلت 2"

GMT 09:56 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الجزائرية الصادرة الأربعاء

GMT 14:26 2017 الإثنين ,12 حزيران / يونيو

التدليك الحل السحري للتخلص من المشكلات الصحية

GMT 02:23 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كولم كيليهر يؤكد أنّ المملكة السعودية سوق جاذبة للاستثمار

GMT 08:30 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

حملة أمنية على محلات درب عمر بسبب الدمى الجنسية

GMT 00:14 2015 السبت ,28 شباط / فبراير

استخدمي طرقًا بسيطة للحصول على فضيات مميزة

GMT 15:48 2016 السبت ,02 إبريل / نيسان

الزواج المبكر فى مصر يتراوح بين 13-15%
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca