الكرملين وبولتون و"ليلة العربدة" الإسرائيلية في الأجواء السورية

الدار البيضاء اليوم  -

الكرملين وبولتون وليلة العربدة الإسرائيلية في الأجواء السورية

بقلم - عريب الرنتاوي

موجة من الضربات الجوية الإسرائيلية المتزامنة طاولت أهدافاً سورية (وحليفة) موزعة على امتداد الخريطة السورية: من السويداء إلى دير الزور مروراً بالسلمية وجبلة، بهذا المعنى، يبدو العدوان الإسرائيلي الأخير غير مسبوق في شدته وكثافته...والملاحظ أنه في كل مرة تنطلق فيها الطائرات أو الصواريخ الإسرائيلية صوب سوريا، يجري الحديث عن استهداف وحدات إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله، هذه المرة، ليست استثناءً كذلك.
 
ما نحن بصدده، أن ليلة "العربدة" الإسرائيلية في الأجواء السورية، ما كان لها أن تأتي على هذه الصورة والشاكلة من دون علم موسكو، حتى لا نقول من دون موافقتها...الأجواء السورية مغطاة بالكامل بشبكة رادارات روسية محكمة، لا يطير طائر من دون أن ترصده "حميميم" ومن دون أن تشتعل الأضواء الحمراء في غرفة العمليات في موسكو...الأمر الذي يعيدنا إلى النقاش القديم – الجديد: ما هو الموقف الفعلي لروسيا من الوجود الإيراني (والحليف) في سوريا؟
 
خلال العامين الفائتين، جادل كاتب هذه السطور بفرضية لم يكن سهلاً على "محور المقاومة" القبول بها أو ابتلاعها، مفادها: إن نظرة موسكو إلى الدور الإيراني في سوريا "تكتيكية" في جوهرها، "استخدامية" في وظيفتها، فحين كان ينتظرها الكثير من "المعارك البرية" لطرد المعارضات المسلحة والمنظمات الإرهابية كان الدور الإيراني (والحليف) مطلوباً ومرحباً به، وحين وضعت المعارك الكبرى أوزارها بعد سيطرة النظام على أزيد من 70 بالمئة من مساحة سوريا، تراجعت أهمية الدور الإيراني (والحليف)، سيما بعد أن أعلنت موسكو انتهاء الحرب في سوريا، تاركة مصير الجزيرة وشرق الفرات لتسويات مع واشنطن، وإدلب وشمالي غرب سوريا لمقايضات مع تركيا...لا مطرح للحسم العسكري لمصير هذه المناطق من وجهة نظر الكرملين، المفاوضات والتسويات هي طريق استعادتها في إطار حل سياسي شامل للأزمة السورية، ولا رغبة لموسكو من أي نوع، بالمقامرة بصدام مباشر، لا مع واشنطن ولا مع أنقرة.
 
أما "مقاومة العدو الصهيوني"، فهي مفردات لا أثر لها في القاموس السياسي الروسي، فما تراه طهران "شيطاناً أصغر" وتراه دمشق والضاحية "عدواً وجودياً"، تراه موسكو صديقاً ومشروع حليف، ولديها معه شبكة متشعبة من العلاقات والمصالح، ومن يُحصي عدد القمم التي عقدها نتنياهو مع بوتين يرى أنها تفوق عدد القمم التي عقدها مع ترامب، وفي هذا دلالة على ما نريد قوله.
 
ازددت يقيناً بصحة المقاربة التي تناولت فيها الموقف الروسي من الوجود الإيراني في سوريا، وأنا أقرأ مقتطفات من كتاب جون بولتون الأخير، فهو أكد أسوأ كوابيس طهران ودمشق والضاحية: بوتين (مثلنا) لا يرغب ببقاء إيران في سوريا، وحاجته لها استمدت من المعارك البرية التي خاضها دعماً لنظام الأسد، وكلما تراجعت هذه الحاجة، كلما كان الكرملين أكثر تعاوناً لإنهاء أو تقليص الوجود الإيراني في سوريا.
 
صمت الرادارات الروسية (أو بالأحرى عماها) عن رؤية الطائرات الإسرائيلية المستبيحة للأجواء السورية طولاً وعرضاً، لا تفسير له غير ذلك...روسيا لم تعد راغبة بالوجود الإيراني في سوريا، ولا هي بحاجة إليه، وهي إن كانت غير قادرة على استئصاله أو تقليصه، فلا بأس من تسهيل مهمة "الصديق الإسرائيلي"، حتى وإن تطلب ذلك إعطاء أذنا من طين وأخرى من عجين، لعربدة طائراته قي السماوات السورية...فإن نجحت إسرائيل في إحراج إيران وإخراجها كان به، وإن فشلت، فأقله تكون موسكو قد بعثت برسائل "حسن النية" إلى كل من تل أبيب وواشنطن، علّها تكفي لتدوير بعض الزوايا الحادة في علاقات موسكو بواشنطن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكرملين وبولتون وليلة العربدة الإسرائيلية في الأجواء السورية الكرملين وبولتون وليلة العربدة الإسرائيلية في الأجواء السورية



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca