مرة أخرى عن خيارات إسرائيل في غزة

الدار البيضاء اليوم  -

مرة أخرى عن خيارات إسرائيل في غزة

بقلم - عريب الرنتاوي

التذكير بخيارات إسرائيل في غزة، يبدو أمراً ضرورياً مع كل جولة من جولات المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية، حتى لا تختلط الحقيقة بالوهم، وحتى لا تبقى البوصلة الفلسطينية على ضلالها، فيظن بعضنا أن طريقه قويم، وأن على الآخرين فقط، مراجعة حساباتهم:
الخيار الأول؛ حرب شاملة على غزة، تنتهي بإعادة احتلال القطاع وإنهاء سلطة حماس، هذا الخيار المفضل لـ «أقصى اليمين» في إسرائيل، يبدو ممكناً ولا يجوز بحال، سحبه من التداول، مع أنه خيار مكلف للجانب الإسرائيلي (دع عنك الفلسطيني)، وهو بحاجة لقرار سياسي كبير، في غير ظروف الانتخابات، فإنهاء سلطة حماس في غزة، بحاجة لتدخل بري يتمم ما سيكون سلاح الجو قد مهّد له، وهي عملية معقدة، وربما تحتاج لفترة زمنية تطول أو تقصر وفقاً لدرجة استعداد وجاهزية فصائل المقاومة.
الخيار الثاني؛ الاعتراف الواقعي بسلطة حماس، بوصفها سلطة أمر واقع، والذهاب معها إلى تهدئة طويلة الأمد، وفقاً لاشتراطات محددة، أهمها ضمانات مادية لعدم تطوير قدرات المقاومة على تهريب السلاح وانتاجه وتطويره، وضمان الالتزام التام بشروط التهدئة، فرض رقابة إسرائيلية مشددة على كل ما (ومن) يدخل غزة أو يخرج منها، مقابل تخفيف ملموس في منظومة العقوبات وأطواق العزلة والحصار المضروبة على القطاع بإحكام منذ أكثر من عقد من الزمان، هذا خيار يفضله «التيار المركزي» في الطيف السياسي الإسرائيلي.
الخيار الثالث؛ إدارة الأزمة مع القطاع وفقاً للمعادلات القائمة حالياً: «هدوء مقابل هدوء»، ضبط حركة المعابر، وما يجتازها من سلع وأفراد بالالتزام بصمت المدافع والصواريخ، بما فيها الطائرات الورقية وما يسمى وحدات الإرباك الليلي والمسير البحري ومسيرات العودة، فتكون كميات السلع وأعداد الأفراد الداخلين للقطاع والخارجين منه، متناسبة مع «مستوى حدة التوتر» في البؤر الساخنة وعلى خطوط التماس بين الجانبين.
الخيار الأول، هو الأكثر استبعاداً من منظور «الأغلبية الإسرائيلية»، لا لكلفته البشرية على إسرائيل فحسب، بل لكونه عملياً، سيضع حداً للانقسام الفلسطيني، وسيعيد للفلسطينيين وحدتهم تحت سقف الاحتلال، وهذا أمر لا تريده إسرائيل، وقد قال نتنياهو ذلك صراحة مراراً وتكراراً: «من يرفض قيام دولة فلسطينية عليه أن يعمل على استمرار انفصال القطاع عن الضفة» ... ثم، أن مشكلة إسرائيل مع هذا الخيار تكمن أيضاً في سؤال «ما العمل صبيحة اليوم التالي للسيطرة على قطاع غزة؟» ... لهذه الأسباب وغيرها، يبدو هذا الخيار أقل احتمالاً، لكنه ليس مستبعداً تماماً وفي كل الظروف.
والخيار الثاني، يبدو نموذجياً لإسرائيل، وحكومة نتنياهو منخرطة في مفاوضات مع وسطاء عرب وأمميين للوصول إليه، لكن الوصول إلى اتفاق لا يكلف حكومة نتنياهو أغلبيتها في الكنيست، ولا يكلف حماس سلطتها وصدقيتها، ليس أمراً سهلاً ... الفجوة بين مواقف الأطراف ومطالبهم ما زالت واسعة نسبياً، وربما تحتاج لجهود إضافية لتجسيرها، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالقضايا التي تخص الأمن الإسرائيلي وضماناته، وقدرة حماس على تقديم هذه «البضاعة» ... خيار صعب، بيد أنه غير متعذر وليس مستحيلاً، وربما يكون مفضلاً عن طرفي المعادلة.
الخيار الثالث، الستاتيكو، وهو في الواقع ليس «ستاتيكو»، فالتطورات تتلاحق بصورة درامية مثيرة للاهتمام، والجانبان يقفان على حافة الانزلاق لسيناريو الحرب الشاملة كل بضعة أسابيع، وعمليات الشد والجذب بينهما لا تتوقف، فيما يشبه «التفاوض بالنار»، أو بالذخيرة الحية ... هو خيار ليس سهلاً على إسرائيل، ولكنه أصعب على حماس، التي تواجه أزمة حقيقة مع شارع فلسطيني مجوّع ومحاصر ... خيار صعب الاستمرار به بحكم طبيعته القلقة، بيد أن الحال يمكن أن يستمر على هذا المنوال، لفترة طويلة قادمة، نسبياً، سيما أن نجح الوسيط المصري بين الحين والآخر في تأمين القطاع بالحد الأدنى من احتياجاته، وتأمين حماس بدفعات إضافية من الأموال، شريطة أن يتزامن كل هذا وذاك، مع تأمين إسرائيل بحد فوق الأدنى من ضمانات أمن مستوطنات غلاف غزة، وبالأخص مدن العمق التي باتت في مرمى صواريخ حماس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة أخرى عن خيارات إسرائيل في غزة مرة أخرى عن خيارات إسرائيل في غزة



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca