عن الحكومات وحكاية «تغيير النهج»؟!

الدار البيضاء اليوم  -

عن الحكومات وحكاية «تغيير النهج»

بقلم - عريب الرنتاوي

المتتبع للحراك السياسي والاجتماعي الأردني، على الأرض وفي الفضاء الافتراضي.... على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المناسبات الاجتماعية كذلك، يلحظ أن عبارة «تغيير النهج» باتت الخاتمة (القفلة) لكل خطاب أو بيان أو «بوست» أو «تويت»، إذ حتى في الكلمات التي تلقى في الجاهات والعطوات باتت تنتهي بعبارة «تغيير النهج» كذلك.
تفرط أحياناً في الحديث المفصل على أمل إقناع محدثك بفكرة أو قضية معينة، يختصر مشوار معاناتك بطوله وعرضه بعبارة: يا عمي بدنا تغيير في النهج «مش في الأشخاص ... انت لا تعرف ما هو النهج المتبع حالياً وما هو النهج المطلوب اتباعه ... لكأن كلمة عبارة «تغيير النهج» قد حلت محل عبارة «الإسلام هو الحل» في خطاب الحركات الإسلامية (الإخوانية) الممتد لعقود متطاولة من السنين.
بعض الأذكياء، يذهبون أبعد قليلاً في العبارة ... فحين تسألهم عن النهج الذي يتعين تغييره، يسردون لك قائمة «محقة» من الفشل والإخفاقات قارفتها حكومات متعاقبة، وهي كثيرة وفي متناول اليد ... وحين تجرؤ على سؤاله عن النهج الجديد المتعين اتباعه، يعرض لك كما «الجرسون» المحترف في المطاعم الراقية، قائمة طعام مما لذّ وطاب، فتتساءل كيف يمكن تحقيق كل هذه المطالب، أقله بعد كل هذا الخراب المقيم الذي ترتب على اعتماد «النهج» الذي يتعين تغييره وتبديله؟
تذكرنا عبارة «أزمة النهج» بعبارة شبيهة، طالما اعتمدها بعض اليسار الفلسطيني في سنين سابقة عن «أزمة البرنامج»، والتي كانت تكفي لحسم الجدل وتبرر الامتناع عن التفكير ... يكفي أن تقول أن برنامج القيادة المتنفذة في مأزق، حتى تريح وتستريح ... وعندما تسأل محدثك عن البرنامج المطلوب، يدركه الصباح ويتوقف عن الكلام المباح، علماً بأن برنامج محدثك الحالي هو ذاته البرنامج المأزوم الذي سبق للقيادة المتنفذة أن تبنته، ولمحدثك أن انتقده وطالب بتغييره... لكأن تاريخ بعض اليسار هو تاريخ «نقد هذا البرنامج» ثم تبنيه، والانتقال إلى نقد البرنامج الجديد للقيادة المتنفذة ذاتها.
ما علينا
ثم يأتيك حديث «الأشخاص» الذين نستصغر أدوارهم، ونفضل انتقاد «نهجهم» وتبديله وعدم الاكتفاء بتبديل ذواتهم الكريمة... إذ ما أن تشرع في نقاش حول «النهج» حتى تكتشف أن المسألة متعلقة بالشخوص، وغالباً بالشخوص فقط ... ولكل واحد منّا أسبابه الخاصة في نقد الشخوص والسخرية من قدراتهم وكفاءاتهم ... ودائماً في تلميح وتصريح إلى أننا نتوفر على ما هو أفضل مما توفر لهم، فلماذا تم اختيارهم ولم يتم اختيارنا أو اختيار من نحب ونرغب.
وإن انت أقدمت على إجراء «حصيلة» للشخوص غير الكفؤين في الحكومات المتعاقبة، تصل إلى خلاصة: أن أحداً في الأردن (غير الأموات بالطبع) لا يصلح أن يكون نائباً ووزيراً أو رئيس وزراء... لا أحد مقنع من الشباب فهم عديمي خبرة وتجربة، ولا أحد مقنع من الشيوخ فقد أكل الدهر عليهم وشرب، وهم جزء من المشكلة وليسوا جزءا من الحل ... لا أحد مقتنع على الإطلاق، فلماذا لا تجتاحنا «النوستالجيا» إلى ساكني القبور، أسكنهم الله فسيح جناته؟
للأردنيين في مواقفهم من الحكومات مذاهب، معظمهم يشكو ضيق حاله (ومعه كل الحق) ولا يجد غير الحكومة ليلومها (ومعه كل الحق أيضاً) ... لكن البعض من نخبنا، وبالذات الأكثر جأراً بالشكوى والتذمر، ومن دون مبرر على الإطلاق، لديه أسبابه الأخرى، فمن رأى أحداً من أبناء جيله قد بلغ منصباً رفيعاً قتلته الغيرة، ومن رأى ناجحاً من معارفه احترق بنار الحسد، وصب جام غضبه يمنة ويسرة ... ومن  رأى الحكومة أو النواب أو الموظفين رفيعي المستوى قد مكثوا طويلاً في مواقعهم، ظن أن القطار قد فاته، فهو يجلس متلهفاً بانتظار اللحظة التي «يرن» فيها هاتفه ... هذه هي حال نخبنا .... لا شيء يرضيها أبداً، لا حكومة تملأ عينها، لا الحالية ولا من سبقها ولا من سيلحق بها، والأيام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحكومات وحكاية «تغيير النهج» عن الحكومات وحكاية «تغيير النهج»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca