نذر التصعيد تتلبّد في سماء سوريا (2-3) «خفض التصعيد»... نعم، «حكم ذاتي»... لا

الدار البيضاء اليوم  -

نذر التصعيد تتلبّد في سماء سوريا 23 «خفض التصعيد» نعم، «حكم ذاتي» لا

بقلم - عريب الرنتاوي

لم تتوقف التكهنات حول قرب اشتعال الجبهة الجنوبية لسوريا، وانهيار منطقة خفض التصعيد الجنوبية، عن التدفق، لا قبل معارك دوما والغوطة الشرقية، وبالأخص بعدها ... على أن «السياق العام» لمعارك الجنوب المنتظرة، بدأ يأخذ منحى استراتيجياً مغايراً في الأيام الأخيرة، مع تزايد الحديث عن مشاريع «تقسيم» سوريا أو «دسترة» تقاسم النفوذ على أرضها وشعبها، حتى أن موسكو كشفت مؤخراً عن مخطط لتحويل المنطقة برمتها، إلى مشروع «حكم ذاتي» يشتمل على المحافظات الجنوبية الثلاث، عاصمته درعا، وطرفاه القنيطرة غرباً والسويداء شرقاً.
في الجنوب خليط غير متجانس من القوى والفصائل: جبهة النصرة، أشدها قوة وعوداً، وقوامها ما بين 1400 - 1500 مقاتل مجرب ومسلح ومدجج بثقافة «الموت» ... «داعش» في حوض اليرموك، تحت راية «خالد بن الوليد» ولديه ما بين 700-800 مقاتل مجرب وأسلحة من عيارات ثقيلة، ولا يبعد عن حدود الأردن سوى مئات الأمتار فحسب ... وفصائل ما يسمى «الجيش الحر»، ويمكن القول أنها تتوفر على 12 - 15 الف مقاتل، حسن التسليح والتدريب، يفتقر للجاهزية القتالية، ومرتبط بمرجعيات إقليمية ودولية، ليست على قلب رجل واحد باستمرار ... وفي شرق السويداء، هناك بضعة آلاف من جيش العشائر وغيره، وهي قوات «صديقة للأردن» عموماً، ويجري توجيهها لمنع تسرب داعش إلى الجنوب، لتهديد الأمن الوطني الأردني.
إقليمياً ودولياً، ثمة ثلاث دول لها نفوذ وتأثير وازنين في هذه المنطقة: الولايات المتحدة، التي تحتفظ بوجود كثيف في قاعدة «التنف» ولديها ميليشيات، تمولها وتدربها وتسلحها ... إسرائيل، التي تسعى لإنشاء شريط حدودي عميل، غير مستفيدة من تجربة الفشل الذريع لأول جيب عميل في جنوب لبنان، وعلاقتها بالنصرة لم تعد سراً أبداً ... والأردن، الذي يعتمد «نظرية الوسائد» الأمنية التي يتكئ إليها لتحصين حدوده الشمالية، التي لا يرغب برؤية الإرهابيين والمليشيات المذهبية على مقربة منها.
الأردن أدار ملف الجنوب السوري، بقدر كبير من النجاح، وقدر صغير من التدخل المباشر، ونجح في توظيف علاقاته الوطيدة مع كل من موسكو وواشنطن لخدمة أهدافه وأولوياته هناك ... لكن بلوغ التوتر بين الدولتين العظميين، حداً غير مسبوق، يجعل مهمة الأردن صعبة للغاية ... وأحاديث لافروف عن مشروع «حكم ذاتي» في جنوب سوريا، يلقي على الأردن أعباءً كبيرة، لا يرغب في التورط في دهاليزها.
منذ البدء، حرص الأردن على إخراج منطقة خفض التصعيد الجنوبية من مسار أستانا، ووفر لها إطاراً ثلاثياً مع الولايات المتحدة وروسيا، فالأردن لا يرغب في رؤية إيران ومليشياتها على حدوده الشمالية، وهو لا يأنس كثيراً للدور التركي في سوريا، خصوصاً لجهة اعتماده على أدوات «إسلاموية» لا يمكن إدراج أي منها في عداد «أصدقاء الأردن»، والأردن حرص على تمييز مشروعه الدفاعي، الوقائي، الاستباقي، في الجنوب السوري، عن المشروع الإسرائيلي التدخلي، ذي الأجندات «الطموحة» و»المشبوهة»، من إطالة أمد الحرب، إلى تصفية حزب الله إلى محاربة إيران وطردها من سوريا، وليس من الجنوب فحسب.
اليوم، تبدو معادلات التهدئة والتصعيد في الجنوب في طريقها للتغيير، وهذا يملي على الأردن إحداث تغيير في مقارباته وحساباته ... فلا يمكن للأردن أن يكون جزءاً من مشروع لتقسيم سوريا، وبأي حال من الأحوال، لا من منظور أخلاقي وقومي فحسب، بل ومن منظور مصالحه الوطنية كذلك ... والأردن، ليس بوسعه أن يترك أي التباس من أي نوع، بأن مشروعه في جنوب سوريا، يلتقي مع المشروع الإسرائيلي، فتلكم الطامة الكبرى، على الأردن قبل أن تكون على سوريا ... والأردن، ليس بوسعه التعويل على استمرار الحد الأدنى من التفاهمات الروسية - الأمريكية، فهذا الاحتمال قد يقع وقد يصبح مستبعداً تماماً، وعمان لا تتحكم بهذه المسألة ... خيارات الأردن في جنوب سوريا، تزداد صعوبة، والمنطقة تقترب بسرعة من لحظة مواجهة كبرى، قد تكون لها تداعيات خطيرة على سلامة الحدود واستقرارها وأمن مدنه الشمالية.
أعود فأذكر بما كنت طرحته في هذه الزاوية قبيل «العدوان الثلاثي» على سوريا، من أن من مصلحة الأردن «التفكير من خارج الصندوق» وتوظيف نفوذه على بعض الفصائل الجنوبية، وتفعيل دوره كوسيط لإتمام مصالحات محلية بين النظام والمعارضات، ورفع مستوى وسوية التنسيق مع دمشق، ومحاولة تفادي المواجهة الكبرى، والتوطئة لفتح الحدود الدولية، واستئناف حركة البضائع والأفراد والخدمات، من سوريا وإليها، وعبرها إلى لبنان وموانئ البحر المتوسط.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نذر التصعيد تتلبّد في سماء سوريا 23 «خفض التصعيد» نعم، «حكم ذاتي» لا نذر التصعيد تتلبّد في سماء سوريا 23 «خفض التصعيد» نعم، «حكم ذاتي» لا



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca