محمد اشتية... الموقع الأرفع والمهمة الأصعب

الدار البيضاء اليوم  -

محمد اشتية الموقع الأرفع والمهمة الأصعب

بقلم - عريب الرنتاوي

يتولى الدكتور محمد اشتية مهام منصبه الجديد كرئيس لوزراء السلطة الفلسطينية في ظرف لا يحسد عليها أبداً ... فالأخطار المحدقة بالمشروع الوطني الفلسطيني تحيط به من أربعة أرجائه، والانقسام الفلسطيني قد يكون بلغ نقطة «اللاعودة»، وفتح ومعها بقية الفصائل الفلسطيني في الهزيع الأخير من دورة حياتها، أما الضائقة الاقتصادية الناجمة عن الحصار الأمريكي والعقوبات الإسرائيلية فحدث ولا حرج.
لكن ذلك لا يمنع كثيرين، ومن بينهم كاتب هذه السطور، أن يرى في اختيار اشتية، فرصة لبث روح جديدة في الإدارة والعمل الحكومي الفلسطيني، طالما ان الحكومة رئيساً وطاقماً، ليس لها أدوار جدية تذكر في إدارة الملفات الخارجية الكبرى، بل وفي إدارة ملف المصالحة، الذي سقط بين يدي زميله عزّام الأحمد منذ سنين طويلة، ومن دون جدوى أو تقدم.
يطيب للبعض وضع تجربة الدكتور محمد اشتية في اتساق وتساوق مع تجربة الدكتور سلام فيّاض، وفي ظني أن في المقارنة والمقاربة قدر كبير من «الشكلانية» و»التسطيح» ... اشتية يأتي إلى رأس الهرم الحكومي الفلسطيني من رحم الحركة الوطنية الفلسطينية، ومن الموقع القيادي في حركة فتح، كبرى الفصائل الفلسطيني ... سلام فيّاض هبط على رأس الحكومة بالبراشوت، من خارج رحم المنظمة والحركة، وبدعم وإسناد «قل بضغط» من الخارج.
اشتية ابن المؤسسة الفلسطينية، ليس معروفاً عنه أية امتداد خارجية مريبة، فلا هو محسوب على هذه العاصمة العربية ولا هو مقرب من ذاك المحور الإقليمي ... هو محسوب على رام الله وفتح والمنظمة فقط ... وتلكم ميزة لم تكن توفرت لدى فيّاض، الذي أثيرت حول علاقته الفلسطينية والعربية الكثير من علامات الشك والاستفهام، فدخل مشروعه في دهاليز صراعات المحاور على «الورقة الفلسطينية» فكان طبيعياً أن يبلغ طريقاً غير نافذ.
لكن اشتية، على خلاف كثرة من أعضاء «مركزية» فتح، يحتفظ بحكم ودوره ومواقعه وخلفيته الأكاديمية، بعلاقات إقليمية ودولية مقدّرة، ربما بأقل مما احتفظ به فيّاض، ولكنها تكفي كنقطة بداية ... الرجل لن يبدأ من الصفر .... للرجل جذور عميقة في الداخل، ولديه فروع ممتدة للخارج ... وأحسب من متابعتي له، أنه قد يكون المرشح الأنسب لحكومة فتح والفصائل، بعيداً عن الجدل حول ما إذا كان من المناسب تشكيل هكذا حكومة أم لا، فتلكم قضية أخرى.
لا يتمتع اشتية «بالحاضنة الدولية» التي تمتع بها فيّاض ... فلا طوني بلير بجواره ليعبد له طريق السلام الاقتصادي و»مشروع الدولة تحت جلد الاحتلال» ولا الجنرال كيت دايتون متوفر لمواصلة مشروع بناء «الانسان الفلسطيني الجديد» ... ولا أحسب أن توماس فريدمان من المعجبين باشتية، بخلاف ما باح به من مشاعر حول فيّاض «والفياضية» لكن الرجل لديه «الحد الأدنى» من القبول الدولي»، وحداً أعلى من «الحد الأدنى من القبول الفلسطيني»، وذلك يكفي كنقطة انطلاق وبداية.
سنرى إن كان بمقدوره تشكيل حكومة منظمة التحرير، أم أنه سيقبل بحكومة أنصاف الفصائل وأرباعها، وسنتفحص صور من سيجلس على يمينه وشماله، مومياءات كل العصور والحقب والمراحل، أم أنه سيأتي بدماء جديدة ... سنرى إن كان سينجح في كسب تأييد «قبائل» فتح، أو تحييد بعضها ... سنرى كيف سيضفي لمسته الخاصة على الملفات العالقة، والتي ظلت من دون لمسات خاصة، منذ أن غادر سلام فيّاض مقعد الرئاسة الفلسطينية الثانية.
اشتية، كسائر زملائه من رؤساء حكومات في فلسطين ودول الجوار، يستحق «مائة يوم سماح» للملمة أوراقه وجمع شتاته، وشق طريقه، والمرجو أن يحصل عليها، ولكن يعتين عليه أن يظل قلقاً فالمهام التي تنتظر الحكومة والسلطة، أكبر من أن تحل في مائة يوم، وربما في مائة شهر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد اشتية الموقع الأرفع والمهمة الأصعب محمد اشتية الموقع الأرفع والمهمة الأصعب



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca