أخر الأخبار

وقفة مع ردود الأفعال العربية على «قرار الجولان»

الدار البيضاء اليوم  -

وقفة مع ردود الأفعال العربية على «قرار الجولان»

بقلم - عريب الرنتاوي

تراوحت ردود فعل الحكومات العربية على قرار الاعتراف بـ»سيادة» إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، ما بين: الصمت و»قلة الاعتناء»، التأكيد على عروبة وسورية الجولان من دون ذكر ترامب وإدارته وقراره عملاً بالقاعدة النحوية (تجهيل الفاعل)، التعبير عن الأسف للقرار مرفقاً بتأكيدات على عروبة الهضبة السورية، وأخيراً التعبير عن الاستنكار والإدانة للقرار واعتباره باطلاً ولاغياً.
في البدء آثرت عواصم عربية كبرى الصمت، ربما بانتظار رصد ردود أفعال الآخرين، علها تنجح في تفادي اتخاذ المواقف المطلوبة، واكتفت هذه العواصم بما صدر عن منظمات إقليمية هي عضو فيها، على اعتبار أن ما يصدر عن هذه المنظمات يمثلها ويعبر عنها، علماً بأنها منظمات باهتة وآيلة للسقوط، لم تجلب نفعاً ولم تدرأ ضرا. 
لكن تواتر ردود الأفعال الإقليمية والدولية، أحرج عواصم عربية عدة على ما يبدو، إذ بدا أنها تفقد زمام المبادرة، وتخسر جولة أمام منافسيها الإقليميين، وتحديداً تركيا وإيران اللتين سارعتا لرفع سقف اعتراضاتهما على القرار وتنديدهما به، وأعربتا عن استعدادهما لخوض معارك سياسية ودبلوماسية في مواجهته.
هنا لم يعد الصمت خياراً، ولم يعد الاستمرار في المراوغة ودفن الرؤوس في الرمال ممكناً ... فبدأت ردود الأفعال العاتبة والغاضبة تتوالى بالصدور من عواصم حليفة لواشنطن، من دون أن تقترن بأية خطوات وإجراءات حتى من النوع الدبلوماسي الملطف (أو حتى التلويح بها) من نوع استدعاء السفراء الأمريكيين لإبلاغهم بالغضب أو العتب، أو استدعاء سفرائهم من واشنطن لبضعة أيام للتشاور ... لا شيء من هذا حدث، ولا شيء من هذا القبيل سيحدث في المستقبل القريب.
أطرف و»أقبح» ما قرأت من ردود أفعال، وهنا نشير إلى ردود أفعال عواصم عدة ومن مختلف المحاور، أن قرار ترامب لن يغير الوضع القانوني والتاريخي للهضبة السورية، تماماً مثلما أن قراره بخصوص القدس، لن يغير من وضع المدينة القانوني والتاريخي، فهذه أراضٍ عربية احتلتها إسرائيل عام 1967، ويتعين عليها الانسحاب منها عاجلاً أم آجلاً.
مصدر القبح والطرافة معاً يكمن في كون إسرائيل ذاتها، إسرائيل التي نعرف ضمن حدود ما قبل العام 1967، هي ثمرة قرارات مماثلة، قيل في حينها أنها لن تغير الوضعية القانونية والتاريخية للأراضي الفلسطينية المحتلة، فإذا بنا اليوم، نسلم بالتغير على وضعية هذه الأراضي، ونعترض على التغير الذي قد يحصل على «التوسعات» و»الإضافات» الجديدة، وما هي إلا سنوات إضافية ستمر، حتى نشرع في إصدار البيانات التي تأسف وتستنكر وتعتب على ضم ما تبقى من الضفة الغربية، باعتبار أن القدس قد صارت عاصمة لإسرائيل والجولان أصبح جزءاً من سيادتها و»وحدتها الترابية»؟!
والحقيقة أن الذي لم يتغير بعد «قرار الجولان» ليست وضعية الهضبة السورية، بل المواقف والسياسات والمقاربات العربية، فقرار ضم الجولان، لم يغير مواقف عواصم عربية كبرى من عودة سوريا للجامعة العربية ... ولم يحدث أي تبدل في أولويات ما تبقى من «النظام العربي الرسمي» الذي صار يعتبر إيران هي العدو اللدود، وينظر لإسرائيل كحليف قائم أو محتمل ... لم يحدث أي تبدل في مواقف العرب لجهة وضع حد لنزاعاتهم وصراعاتهم الداخلية، وحروبهم الضارية التدميرية في اليمن وليبيا ... لم يحدث أي تبدل في نظرتهم وحراكهم في مواجهة الشهية الإسرائيلية المفتوحة لابتلاع المزيد من الأراضي والحقوق، أو لجهة ارتفاع وتائر دعمهم للشعب الفلسطيني الرازح تحت نيرين: الاحتلال والحصار ... لم يتبدل شيء من كل هذا، لكن وضع الجولان، كما القدس، تغير، وقد يصبح هذا التغيير أبدياً، برغم بيانات الرفض وتغريدات العتب المصاغة بعناية فائقة، ما لم يتبدل حالنا بحال أفضل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقفة مع ردود الأفعال العربية على «قرار الجولان» وقفة مع ردود الأفعال العربية على «قرار الجولان»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 18:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 19:15 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 02:35 2014 الأحد ,12 تشرين الأول / أكتوبر

معهد "نعمان" يعيش على إيقاعات مسابقة الرقص الأمازيغي

GMT 06:34 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

أودي تكشف عن سياراتها 2.0Q2 TFSIبخدمات مميزة

GMT 02:58 2016 الثلاثاء ,02 آب / أغسطس

إيساف ينشر صور تحضيره لكليب أغنية "الحقيقة"

GMT 01:44 2017 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

ريهام حجاج تعد جمهورها بمفاجأة في "رغدة متوحشة"

GMT 04:28 2017 الثلاثاء ,28 آذار/ مارس

غدير موسى تبدع في تصميم المشاريع العقارية

GMT 03:45 2016 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "هيونداي" تطلق "جينسيس G90" الفارهة المميزة

GMT 14:51 2016 الجمعة ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسعار العملات العربية والدولية مقابل الدرهم المغربي

GMT 02:35 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

نائب رئيس الوزراء اليمني يلتقي المبعوث الأممي

GMT 02:38 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"الوصية" مسلسل كوميدي يجمع "أبوحفيظة" ومقدم "البلاتوه"

GMT 10:17 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

جد يرمي حفيده الصغير بفرن ساخن في روسيا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca