"العائدون من سوريا"

الدار البيضاء اليوم  -

العائدون من سوريا

بقلم : عريب الرنتاوي

فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «قنبلة صوتية» كبرى، عندما طالب دول الاتحاد بتسلم 800 من مقاتلي «داعش» محتجزين لدى القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية في منطقة شرق الفرات، باعتبار أن من مسؤوليات هذه الدول، استعادة «أبنائها العاقين»، وعوائلهم... مهدداً بإخلاء سبيلهم إن لم تفعل هذه الدول ما طلب منها.

الجدل احتدم في أوروبا وما يزال، وغالبية دولها تبدي ميلاً لرفض الطلب الأمريكي، ولديها في ذلك حجج وذرائع شتى، لكن هذا الملف الذي لم يغلق أوروبياً وأمريكياً، فُتح على مصراعيه عراقياً وسورياً، فكيف سيخلي ترامب سراح هؤلاء، وأين، وما هي وجهتهم التالية، وكيف ستتم هذه المقامرة بتفاصيلها.

مجلس الأمن القومي العراقي، عقد اجتماعات بهذا الصدد، فثمة آلاف «المجاهدين العراقيين»، مع أسرهم بانتظار الترحيل، وثمة معلومات مؤكد عن هرب مئات المقاتلين بثروات مالية كبيرة من معاقل داعش الأخيرة في شرق سوريا إلى غرب العراق... المجلس وضع خططاً وتصورات للتعامل مع «العائدين من سوريا»، يصعب التكهن إن كانت كفؤة وفعّالة أم لا.
مصادر دمشق وحزب الله، وبدرجة أقل موسكو، تتحدث عن خطط أمريكية لإعادة توجيه هؤلاء إلى ساحات وجبهات أخرى، بل إن الشائعات لا تتوقف عن «اتفاق مضمر» أبرم نحو غير مباشر بين قادة «المجاهدين» والمخابرات الأمريكية، عبر قوات سوريا الديمقراطية، يتضمن ضمانات ومخارج آمنة لهؤلاء، مقابل تسليم ما بحوزتهم من معلومات ثمينة وموجودات مالية وذهبية.

لكن الأهم من كل هذا وذاك، أن ثمة عددا كبيرا من هؤلاء المقاتلين، ما زالوا منتشرين في الصحاري والبوادي السورية والعراقية، وبما يشكل تهديداً أمنياً لا لسوريا والعراق فحسب، بل وللأردن كذلك... ما يعني أن مهمة القضاء على داعش لم تنته بعد، وأن خطر التنظيم الأمني ما زال قائماً وإن تبدد خطره العسكري والاستراتيجي بعد تجريده من الجغرافيتين السورية والعراقية، وتحطيم هياكل دولته و»خلافته» المزعومة.

الأردن من ضمن مجموعة من الدول «المصدرة للمجاهدين» إلى سوريا والعراق.. بعضهم قد قتل، وبعضهم قد عاد، ويقضي اليوم فترة محكوميات متفاوتة في السجون الأردنية، وقد يغادرونها قريباً بعد انتهاء محكومياتهم... لكن كثيرين منهم ما زال هناك، ينتظرون العودة أو التسليم... وبعضم يرتبط مصيره بمصير «إدلب» ونتائج الصراع فيها وعليها، فهل أعددنا الخطط والبرامج للتعامل مع ملف «العائدين من سوريا»، وهل هي من النوع الذي يكفل «رد أذاهم» عن أمن الأردن واستقراره؟

أسئلة وتساؤلات، لا يبدو أنها انتقلت إلى العلن، وربما يجري تداولها في دوائر مغلقة، مع أنها قضية رأي عام، والتوعية بها أمر بالغ الأهمية والضرورة، من أجل جلب المنافع وليس درء الأضرار فحسب.

لدينا مروحة واسعة من الأرقام حول هؤلاء، من قضى منهم ومن ينتظر، وفي غياب المعلومة الشفافة، حول مصائر كثيرين منهم، لن ندخل في سجال الأرقام، وسنكتفي بالقول إنها أعداد كبيرة نسبياً، وأنها كافية لتشكيل تهديد حقيقي للأمن والاستقرار.

وإلى جانب هؤلاء، وبمعيتهم، ثمة أعداد مضاعفة من الأطفال والنساء الذين نشأوا في كنف «خلافة البغدادي» أو «إمارة الجولاني» الإرهابيين... ما الذي سنفعله بأسر هؤلاء المقاتلين، وكيف ستجري إعادة دمجها وتأهيلها في المجتمع الأردني، وما هي الفرص والتحديات التي تجبه أمراً كهذا؟... هل نحن مستعدون للتعامل مع ملف الأردنيين «العائدين من سوريا»... وعائلاتهم؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العائدون من سوريا العائدون من سوريا



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca