إضراب الحرية والكرامة إذ يطوي شهره الأول

الدار البيضاء اليوم  -

إضراب الحرية والكرامة إذ يطوي شهره الأول

بقلم : عريب الرنتاوي

غداً، ومع دخول نكبة فلسطين عامها السبعين، يطوي إضراب الأسرى الفلسطينيين شهره الأول، بعد فشل كافة المحاولات الإسرائيلية لكسر إرادة الحركة الوطنية الأسيرة، وتشتيت شملها، وإشاعة الافتراءات والأكاذيب حول قادتها، مستخدمة كل الأدوات والوسائل القذرة التي لا تليق بالجنس البشري، ولم يعد يقارفها سوى صنف خاص منهم، مشبع بالكراهية والعنصرية واحتقار "الغوييم".

وعلى الرغم من تصاعد أشكال التضامن والإسناد الشعبيين لانتفاضة السجون الباسلة، كما تردد صداها في شوارع وساحات المدن والبلدات الفلسطينية، إلا أن الإسناد لم يصل بعد إلى المستوى المرتجى والمطلوب ... حتى أن الأسرى الذين تخلفوا عن اللحاق بركب الإضراب، ما زالوا على ترددهم، وربما بانتظار الأوامر والتعليمات من قادة فصائلهم المحتربة والمصطرعة فيما بينها.

يتدافع قادة الفصائل في غزة ورام الله أمام الكاميرات للبوح بتأييدهم وتضامنهم ... بعضهم يتهدد إسرائيل بالويل والثبور وعظائم الأمور ... وبعضهم يطلق الإنذار تلو الإنذار ويحدد المهلة الزمنية تلو الأخرى من دون جدوى، مع أن المطلوب أقل من ذلك بكثير، المطلوب إرسال "كلمة السر" إلى أسرى حماس وبقية أسرى فتح والفصائل للانضمام إلى رفاقهم وإخوانهم المضربين عن الطعام، لا أكثر ولا أقل.

لسنا بحاجة لكل هذا "الهذر"، ولم تعد تطربنا التصريحات النارية الصادرة عن الأفواه المزبدة – المرعدة والأوداج المنتفخة، كل ما نريده إشارة وإيماءة ... إشارة للأجهزة الأمنية في غزة والضفة بأن ترفع يدعها عن حراك الشارع الفلسطيني، وإيماءة لأسرى الفصائل، جميع الفصائل، بأن التحقوا بإضراب زملائكم، وأشعلوها معهم، انتفاضة سجون ضد نظام التمييز العنصري الذي يتجلى بأبشع صوره خلف القضبان وفي الزنازين.

ليس الوقت لتصفية الحسابات ولا للمناكفات، لا داخل فتح ولا بينها وبين حماس، الوقت من ألم وجوع، وقد يصبح بين عشية وضحاها من دمٍ كذلك ... والتاريخ لن يرحم المتخاذلين والقاعدين ... الأسرى لن ينتظروا ترامب حتى يبلور تصوره ويقوم برحلة الحجيج الأولى إلى المدن المقدسة الثلاث عند الأديان السماوية الثلاث ... والأسرى ليسوا بحاجة لصواريخ ولا أنفاق ... الأسرى بحاجة لوقفة تضامنية شاملة، ومساندة شعبية، تهز الأرض تحت أقدام الاحتلال والمستوطنين.

إسرائيل تسعى في شيطنة الأسرى، مثلما فعلت تاريخياً مع شهداء الحركة الوطنية الفلسطينية ... وهي تجد ضالتها في إدارة ترامب، وتريد أن تكبل يدي "أبو مازن" وتضعه في أضيق زوايا الحرج، من خلال دفع واشنطن لمطالبته والضغط عليه، لإعلان هؤلاء "إرهابيين" ووقف رواتبهم والمساعدات التي تتلقاها أسرهم الثكلى والمكلومة ... وأبلغ رد على هذا التطاول غير المسبوق، على رموز الشعب الفلسطيني و"إيقوناته"، هو بإسناد كفاحهم وتدعيم مطالبهم، وترديد صدى أنّاتهم وضجيج أمعائهم الخاوية الذي يصم الآذان ... الرد على العنجهية الإسرائيلية يكون بتبني مطالب الأسرى من دون مواربة، وإدراج قضيتهم على صدارة  جداول الأعمال، والقيام بكل ما يمكن القيام به، من أجل "تدويل" قضيتهم، وإيصالها إلى أربع أرجاء المعمورة. ... شعب بلا "رموز" و"أيقونات" كهذه، لا لون له ولا طعم ولا هوية.

أما عنّا نحن، الذين نتابع عن بعد، فصول هذه الملحمة البطولية، ونكتب فيها شعراً ونثرا، فقد آن الأوان لنقدم على خطوات عملية صغيرة، تبدأ بتنظيم وقفات احتجاجية مستمرة، وتنفيذ إضرابات رمزية مماثلة، وتنظيم حملات جمع تبرعات، اقترحها عليّ قارئ من العقبة، بدا مثقلاً بهموم الأسرى وعائلاتهم، متعباً من المباريات الخطابية واللفظية، ويريد تدشين حملة تبرعات لأسرهم وذويهم، عبر شركات الاتصالات، وبكفالة المنظمات الخيرية ... القارئ العقباوي العزيز الذي وصف نفسه بأنه من عامة الناس، لم يعد يؤمن بالبيانات والتصريحات، يريد خطوات عملية صغيرة، ممكنة وذات أثر معنوي ومادي لا يستهان به.

يبدو أن قارئنا العقباوي، سئم من قراءة بيانات التضامن، التي تصدر عن بطون متخمة، ومل من صورة الوقفات التي لا تدوم أكثر من لحظة التقاط الصور، أمام بعض المقرات، ومن بينها مقر الجامعة العربية، وهو يريد خطوة ملموسة ومواقف أكثر صرامة ونبلاً لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية والتخاذل العربي والتواطؤ الدولي، وله في ذلك الحق كله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إضراب الحرية والكرامة إذ يطوي شهره الأول إضراب الحرية والكرامة إذ يطوي شهره الأول



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية

GMT 05:12 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تيريزا ماي تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حرباء متغيرة اللون يمتد لسانها لـ60 ميلًا لصيد فريستها

GMT 22:38 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

قميص نيمار يظهر في الملعب قبل مواجهة ألمانيا

GMT 01:22 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المدافئ الكهربائية تتغلب على النمط التقليدي بأناقتها المميزة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca