النواب و«الدبلوماسية البرلمانية»

الدار البيضاء اليوم  -

النواب و«الدبلوماسية البرلمانية»

بقلم : عريب الرنتاوي

سجَّل مجلس النواب الأردني نشاطاً ملحوظاً في حقل «الدبلوماسية البرلمانية» في السنوات القليلة الفائتة... المجلس برئيسه وأعضاء مكتبه الدائم ولجنة الشؤون الخارجية ولجان الأخوة والصداقة، كان حاضراً بشكل فاعل في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، وكانت وفوده حاضرة في دول لا تتسم علاقات الأردن معها بالتميز: إيران وسوريا، فضلاً عن الزيارة الأخيرة لرئيس المجلس للعراق، ولقاءاته مع كتل برلمانية بعضها صديقة وبعضها الآخر اتسمت مواقفها بالحذر والتحفظ حيال تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والجارين.

فلسطين، كانت الأكثر حضوراً في «الدبلوماسية البرلمانية»، ولقد سمعت من برلمانيين فلسطينيين أن لفلسطين وفدين في المؤتمرات الدولية، في إشارة للوفد الأردني الذي يتبنى بحماسة ظاهرة، مختلف المطالب الفلسطينية، ويتخذ مواقف صارمة في مواجهة وفود إسرائيل وداعميها ... ومجلس النواب الأردني، هو المجلس الوحيد من بين جميع البرلمانات العربية، الذي اختص فلسطين بلجنة تحمل اسمها من بين لجانه النيابية الدائمة، تجسيداً لخصوصية العلاقة الأردنية – الفلسطينية.
للدبلوماسية البرلمانية، دور أساسي في السياسة الخارجية لأي بلد في العالم، فهي تصل إلى مطارح يتعذر وصول الدبلوماسية الحكومية إليها، فتفتح أبواباً مغلقة، وتلعب دور «البلدوزر» الذي يشق الطرق ويمهدها ... والدبلوماسية البرلمانية، تلعب دور «دورية الاستطلاع» التي تستكشف الفرص والتحديات، تبشر بالأولى وتحذر من الثانية ... والدبلوماسية البرلمانية تلعب دور «رجل الإطفاء» عند اندلاع بعض الأزمات التي تستوجب تدخلاً من نوع مغاير، لا تعتمده الدبلوماسيات الحكومية عامة.
والدبلوماسية البرلمانية تتعزز وتتقوى حين يكون البرلمان في هذا البلد أو ذاك، قائماً على التعددية الحزبية /السياسية/البرامجية، فالكتل البرلمانية ذات الأولوان الفكرية والحزبية المتشابهة، تشكل بالعادة شبكات دعم وإسناد لبعضها البعض، عابرة للحدود الوطنية، وبالإمكان توظيفها لخدمة مصلحة معينة عند هذه الدولة أو تلك، مما لا يتوفر لبرلماننا – من أسفٍ – جرّاء تشكله على أسس فردية، لم تغادر بعد، وعلى نحو جدي، مربع «الصوت الواحد» ذائع الصيت.
وثمة الكثير من الإصلاحات التي يمكن إدخالها على النظام الداخلي لمجلس النواب لتعزيز دور أدواته في حقل الدبلوماسية البرلمانية، من خلال بناء القدرات المؤسسية للجنة الشؤون الخارجية ومكتب المجلس الدائم، وإعادة هيكلة لجان الأخوة والصداقة الكثيرة، فضلاً عن مأسسة العلاقة بين هذه الجهات ولجنة فلسطين، باعتبار أن جميع هذه الجهات معنية بأقدار متفاوتة بممارسة الدبلوماسية البرلمانية.
والأهم من هذا وذاك، مأسسة العلاقة مع وزارة الخارجية، وضمان أعلى درجات التنسيق والتعاون، ورفد البرلمان بالتقارير والمعلومات و»تقديرات الموقف»، لكي يظل المجلس مواكباً للتطورات في شتى حقول علاقاتنا الدولية وسياساتنا الخارجية، والأمر ذاته، ينطبق على مجلس النواب، الذي يتعين عليه، تنسيق خطواته مع الخارجية واطلاعها على نتائج جولاته وزياراته الخارجية... مع إبداء حرص خاص، على أن تتمحور أنشطة الدبلوماسية البرلمانية، مع الأولويات الوطنية الضاغطة، ومراعاة تبدلها من مرحلة إلى أخرى.
كما أن تنسيق عمل مجلسي النواب والأعيان في حقل الدبلوماسية البرلمانية يبدو أمراً ضرورياً، وهو يحصل الآن من خلال الوفود المشتركة إلى بعض المؤتمرات الدولية، لكن في ظني أن الأمر يحتمل مستوى أعلى من «المأسسة»، فالأصل أن الجهد البرلماني يكمل بعضه بعضاً بين غرفتي مجلس الأمة الأردني.
وأجد من الضروري أن يعمل المجلس على بناء «ذاكرة مؤسسية» لدبلوماسيته البرلمانية، من خلال إنجاز وتوثيق التقارير المفصلة عن زياراته ولقاءاته بمختلف الأطراف، على ان تكون تقارير وافية، تتخطى موعد الزيارة وجدول أعمالها وأسماء المشاركين بها، ذلك أن التغيير السريع (السنوي) على تشكيل لجان المجلس الدائمة من شأنه إضعاف التواصل والاستمرارية وبناء الخبرات والقدرات، الأمر الذي يذكرنا بأهمية إعادة النظر في مدة ولاية اللجان الدائمة، ورفعها من سنة واحدة إلى سنتين.
ولتعزيز نهج الشفافية والإفصاح عند البرلمان، يتعين إطلاع المواطنين عبر وسائل الإعلام، على تقارير مفصلة عن منجزات الدبلوماسية البرلمانية الأردنية، تلكم مسألة غاية في الأهمية، ليس من باب حق المواطن في المعرفة فحسب، بل ومن باب استعادة الثقة المفقودة بين المجلس والرأي العام.
تقدم مهم في حقل الدبلوماسية البرلمانية حققه المجلس النيابي الأردني، أمرٌ لا جدال فيه، لكن مشوارنا مع تطوير هذه الدبلوماسية وأخذها إلى مستوى أعلى من الأداء والفاعلية، لا يزال طويلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النواب و«الدبلوماسية البرلمانية» النواب و«الدبلوماسية البرلمانية»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca