إنذار إسرائيلي «غير مبكر»

الدار البيضاء اليوم  -

إنذار إسرائيلي «غير مبكر»

بقلم - عريب الرنتاوي

كان موضوع تزايد “اعتمادية” الأردن على إسرائيل في مجالات حيوية كالمياه والطاقة، محوراً من محاور عمل مؤتمر “الأردن في بيئة إقليمية متغيرة ... سيناريوهات المرحلة المقبلة 2” الذي نُظم في عمان مؤخراً ... انطلقت الفكرة من فرضية أن العلاقات الأردنية – الإسرائيلية مرشحة لمواجهة تحديين اثنين على الأقل: الأول؛ إصرار إسرائيل على “قتل” حل الدولتين، واستتباعاً فتح الباب مشرعاً أمام خيارات غير مرغوبة للحل النهائي، وتتعارض مع مصلحة الأردن، وقد تأتي على حسابه وحساب الفلسطينيين معاً ... والثانية؛ التحدي الإسرائيلي الصلف والمتغطرس للرعاية الهاشمية للمقدسات والمسجد الأقصى، وأحسب أن اثنين من الأردنيين، لم يختلفا على تشخيص هذه الحالة.
لكن السؤال الذي يُطرح بإلحاح هو: كيف يمكن التوفيق بين تقديرات متشائمة سياسياً على مستوى العلاقة الثنائين بين الجانبين، في الوقت الذي تُقدم فيه الحكومات المتعاقبة على تبني مشاريع وتوقيع اتفاقات من شأنها تعزيز “اعتمادية” الأردن على إسرائيل في حقلين حيويين كالمياه (قناة البحرين) والطاقة (صفقة الغاز)؟ ... وهل من الحكمة أن نمضي طائعين صوب هذا الخيار؟
مناسبة هذا الحديث، الانذار الإسرائيلي – غير المبكر – للأردن، والمشفوع بتهديد بـ “تعطيشه” إن هو أصر على موقفه العادل والمشروع، والمنسجم مع القانون الدولي والعدالة الجنائية، بمحاكمة قاتل أردنيين اثنين في سفارة الاحتلال في عمان ... وكيف يمكن تفسير هذا الابتزاز الإسرائيلي وتجنيب الأردن خطر الوقوع بين فكيّه الحادين؟ ...ونقول إنذار غير مبكر، لأننا وغيرنا الكثير، لطالما حذرنا من مغبة المضي قدماً في هذه السياسة، قصيرة النظر، التي تلحظ مصالح آنية وفورية مباشرة، ولا تأخذ بنظر الاعتبار، بما يكفي، التداعيات على المديين المتوسط والبعيد، لسياسات “الاعتمادية” في مجاولات حيوية وحساسة كهذه.
ويحق لنا العودة إلى إثارة الموضوع مجدداً، ولكن من منظور أكبر وأوسع، يلخصه السؤال الاستراتيجي الذي طُرح في المؤتمر، ولم يحظ من أسفٍ، بالاهتمام الكافي من قبل المتحدثين والمشاركين، وأعني به: هل أمنه واستقراره سيظلان متطلباً لنظرية الأمن القومي الإسرائيلية، أم أننا نسير نحو مستقبل، قد يكون قريباً، تقتضي فيه مصلحة إسرائيل الاستراتيجية العليا، إشاعة قدرٍ من “الفوضى غير الخلاقة” في الأردن، للخلاص من فائض الديموغرافيا الفلسطينية، وتجسيداً لشعار “يهودية الدولة” الذي تحول إلى نقطة مركزية في التفكير الاستراتيجي الصهيوني؟
ونضيف إلى السؤالين السالفين سؤالاً ثالثاً: هل يمكن التعويل على واشنطن كـ”ضابط إيقاع” لوتائر ومستويات التقدم والانهيار في العلاقة الأردنية – الإسرائيلية  ؟
لا أريد أن أشغل القارئ المحترم والقارئة المحترمة، بسؤال ساذج يحلو للبعض منّا قضاء الوقت في البحث عن إجابة عليه، والمقصود به سؤال معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية وما إذا كانت كفيلة بحماية أمن الأردن وحدوده وكيانه وهويته، ورسم حدود نهائية لأطماع إسرائيل ... من يستعرض فصولاً من تاريخ الصهيونية، قبل قيام إسرائيل وبعدها، يرى أنه تاريخ إبرام المعاهدات والمواثيق، لنكثها والانقضاض عليها، وليس لاحترامها والوفاء بالتزاماتها، ولا يحتاج المرء أن يكون مؤرخاً ليستدل على هذه الحقيقة.
أياً يكن من أمر، ومن باب “رب ضارة نافعة”، فقد قرعت إسرائيل ذاتها، جرس الانذار لدوائر صنع القرار في الأردن، والمفروض أن إشهار سيف الابتزاز والتعطيل لمشروع قناة البحرين، يكفي “مجتمع التكنوقراط” الذي تزدحم بها مؤسسات صنع القرار، إلى أن الأمر بحاجة لجرعة إضافية من “السياسة”، والسياسة تقول إننا ذاهبون إلى جولات متعاقبة من الصدام مع إسرائيل (ليس حرباً بالضرورة)، ودائماً على جبهتي حل الدولتين والرعاية الهاشمية، فهل من الحكمة أن نمضي في حساباتنا الصغيرة، حول فوارق الأسعار وأجور النقل، متجاهلين ما يدور في “الوعي” و”اللاوعي” الإسرائيليين من مشاريع وأفكار سوداء، نحن في عين عاصفتها؟
لم يفت الأوان بعد للتراجع، والبحث عن خيارات وبدائل أخرى، وبصرف النظر على مصير قاتل الاردنيين في الرابية، المسألة بحاجة لمقاربة سياسية من العيار الاستراتيجي الثقيل، ولا يجوز ربطها بخطوة إجرائية من النوع “الخفيف”، كأن يقدم الديبلوماسي القاتل إلى محاكمة “غالباً صورية أو شكلية” أو لا يقدم ... المسألة تتعلق بقدرة الأردن على الصمود في مواجهة سياسات إسرائيل التي تستهدفه، وهي قدرة رهن بتحررنا من أعباء وقيود الاستتباع أو الاعتمادية على طرف من أبرزه سماته، أنه جعل من “الابتزاز” سياسة عليا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنذار إسرائيلي «غير مبكر» إنذار إسرائيلي «غير مبكر»



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية

GMT 05:12 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تيريزا ماي تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حرباء متغيرة اللون يمتد لسانها لـ60 ميلًا لصيد فريستها

GMT 22:38 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

قميص نيمار يظهر في الملعب قبل مواجهة ألمانيا

GMT 01:22 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المدافئ الكهربائية تتغلب على النمط التقليدي بأناقتها المميزة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca