نتنياهو يصعد الشجرة في نيويورك، فعلى أي أرض سيهبط؟

الدار البيضاء اليوم  -

نتنياهو يصعد الشجرة في نيويورك، فعلى أي أرض سيهبط

بقلم - عريب الرنتاوي

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قذف بنيامين نتنياهو بقفاز التحدي في وجه إيران، وتوعد بمنعها من امتلاك السلاح النووي ووسائط نقله، وتعهد بلغة جازمة وحازمة، بمطاردتها في العراق وسوريا ولبنان ... قدم استعراضاً هوليوودياً، معززاً بالصور لما قال إنها منشأة نووية في إيران، ومنشآت تطوير صواريخ في محيط مطار بيروت وضاحيتها الجنوبية.
ما الذي سيفعله نتنياهو حقاً، وكيف ستكون ردود أفعال الأطراف المستهدفة بتهديده ووعيده؟
نتنياهو، ورهط غيره من قادة إسرائيل، أكدوا مضيهم في استهداف إيران في سوريا، سيضربون منشآت ومواقع انتشار حرسها الثوري، وسيعملون على منع وصول سلاح «كاسر للتوازن» إلى حزب الله ... لقد فعلوا ذلك من قبل مراراً، بقبول روسي طوعي أو «على مضض» ... وسيحاولون فعله مرة أخرى.
بيد أن مهمتهم في سوريا لن تكن بذلك اليسر والسلاسة وانعدام الكلفة، التي اعتادوا عليها ... هذه المرة، فاض الكيل بروسيا، صحيح أنها ما زالت على حساباتها مع إسرائيل، بيد أنها تسعى في توسيع هذه الحسابات لتشتمل على إمكانية إسقاط طائرات إسرائيل تغير على أهداف غير مرغوبة وفي توقيتات غير مواتية لروسيا ... إيران أيضاً، باتت في وضع محرج، عبر عنه أكثر من مسؤول في معرض التهديد والوعيد بالرد الحازم والمزلزل ... لكن الرد الأوضح جاء من السيد حسن نصرالله الذي قال أن هذا الوضع – يقصد الاستباحة الإسرائيلية للأجواء السورية – لم يعد محتملاً، ولا بد من التفكير بردود مناسبة، تعيد رسم قواعد الاشتباك فوق سوريا وفي أجوائها.
إسرائيل سبق وأن تحرشت بالعراق، ولكن على أطرافه، ثمة غارات «مجهولة الهوية» ضربت مواقع للحشد الشعبي العراقي، وأوقعت خسائر بشرية ومادية ... «الغموض البناء» بدده نتنياهو من على منصة الجمعية العامة ... الأحداث الغامضة والنيران مجهولة المصدر، «بات لها صاحب» وصار مصدرها معروفاً بعد استعراض نيويورك ... هل سيرد العراق؟ ... هل سيرد الحشد الشعبي؟ ... هل ثمة وسائل للرد مناسبة ورادعة؟ ... ما هي وكيف؟ ... أسئلة في علم الغيب في ظل فوضى السياسة والسلاح والقرار في بلاد ما بين النهرين.
لبنان، خاصرة إسرائيل الضعيفة، كشف نتنياهو عن مواقع تطوير صواريخ تتبع لحزب الله وتجعلها أكثر دقة ... حسن نصر الله قال «إن الأمر تم» في إشارة إلى أن الحزب امتلك هذه الصواريخ برغم محاولات اعتراضها من قبل إسرائيل ... نتنياهو نشر صوراً وخرائط جوية ... ماذا سيفعل الآن؟
في لبنان، وربما في لبنان وحده، لن تقتصر ردة فعل هذا المحور على التهديد اللفظي والتوعد بالرد في المكان والزمان المناسبين ... إن ضُرب حزب الله سيضرب بالمثل، هذا مرجح حتى لا نقول مؤكد، الوضع هناك يختلف عن سوريا والعراق، وربما عن إيران ذاتها ... سيسقط الحزب إن لم يرد، والحزب لن يسمح بذلك، وفي تاريخه كله، برهن أنه لن يسمح بذلك.
إن حصلت الضربات الإسرائيلية، ستندلع الحرب لا محالة ... حزب الله سيرد بقوة، وربما بالمثل، ونتنياهو وائتلافه لن يستطيع الصمت على صواريخ حزب الله وهي تتساقط في العمق الإسرائيلي، وسينزلق الجانبان إلى حرب لا يرغب بها كلاهما ... بل ولا ترغب بها المنطقة برمتها ... هل يفعلها نتنياهو وهو مقبل على انتخابات مبكرة مرجحة؟
الجواب على هذا السؤال، ربما يجري تقليبه في ذهن نتنياهو قبل نيويورك وبعدها ... فإن كان يضمن نتائج مبهرة من عدوان جديد على لبنان، سيفعلها غير آبه بالخسائر والأكلاف ... أما إن صارت الضربة «مستنقعاً» بالغ الكلفة، وهذا محتمل حتى لا نقول مرجحاً، وتحولت المعركة إلى حرب يعرف كيف يشعلها ولا يعرف كيف ينهيها، فمعنى ذلك، نهاية حياته السياسية.
أمام هذا الاستعصاء المحرج في لبنان، من المرجح أن يذهب نتنياهو إلى خيارات أقل كلفة، لاعتقاده بأن الأطراف الأخرى، غير قادرة على الرد أو غير راغبة فيه، أقله في هذا التوقيت ... الأرجح أن نتنياهو لن ينزل عن الشجرة التي صعد إليها في نيويورك على أرض لبنانية، ربما يعاود ضرب أهداف منتقاة في سوريا، بعيداً عن الحساسيات الروسية، ربما يصل العراق، بل وقد تصل أذرعه الاستخبارية إلى العمق الإيراني ... في ظني أن التصعيد الحربي الإسرائيلي قادم بعد خطاب الجمعية العامة ... ولكن في ظني أيضاً، أنه سيكون مضبوطاً والمرجح أن يتخطى لبنان إلى غيرها من ساحات «محور المقاومة والممانعة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو يصعد الشجرة في نيويورك، فعلى أي أرض سيهبط نتنياهو يصعد الشجرة في نيويورك، فعلى أي أرض سيهبط



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca