ثلاثة سيناريوهات لحل السلطة أو انهيارها

الدار البيضاء اليوم  -

ثلاثة سيناريوهات لحل السلطة أو انهيارها

بقلم- عريب الرنتاوي

كفّت السلطة عن أن تكون نواة الدولة، والمختبر الأول لممارسة «حق تقرير المصير»، بعد أن قضى الزحف الاستيطاني على فرص قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وبعد أن وصلت إلى البيت الأبيض الأمريكي، إدارة يمينية، قررت الانحياز التام لليمين المتطرف في إسرائيل وتبني روايته وأهدافه التوسعية، المدججة بالأساطير التوراتية.

لم تكن المآلات الحالية للسلطة حاضرة بقوة في أذهان من وقّعوا اتفاق أوسلو قبل ربع قرن، وانعقد رهان من أيد ذاك المسار، على فرص تحويل السلطة إلى دولة ... لكن الرهانات طاشت، والآمال خابت بعد كل هذه السنين، وازداد الأمر تعقيداً مع مجيء إدارة ترامب، وسلسلة القرارات العدائية التي صدرت عنها ضد الشعب الفلسطيني وأركان مشروعه الوطني الثلاثة: «العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس»، من ضمن عوامل أخرى بالطبع، من بينها تأبيد الانقسام الفلسطيني و»تهافت التهافت» الذي يميز الوضع العربي الرسمي.

إن الجدل الذي اندلع قبل عدة سنوات حول مصير السلطة، وما إن كانت ذخراً للمشروع الوطني أم عبئاً عليه، وهل يتعين على الفلسطينيين الإبقاء عليها أم «تسليم مفاتيحها» لنتنياهو، يشتد اليوم على وقع القرارات والسياسية والإجراءات الأمريكية – الإسرائيلية، وسط تنامي حضور ظاهرتين متناقضتين: 

الأولى؛ استمساك القيادة الفلسطينية بالسلطة بوصفها «منجزاً وطنياً» للشعب الفلسطيني لا يجوز التفريط به بحال من الأحوال.

والثانية؛ تنامي قاعدة المؤيدين لحل «الدولة الواحدة» في أوساط الفلسطينيين، فالأصوات المنادية بهذا الخيار، والتي كانت تسمع على خجل واستحياء قبل عشر سنوات، باتت اليوم، تمثل قطاعاً متزايداً من الفلسطينيين.

كنت كتبت في هذه الزاوية بالذات، وقبل أزيد من عام، أن السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل»، بمعنى إن تأكد للفلسطينيين أنها عبء عليهم وعلى مشروعهم الوطني، فمن الأفضل ترك مهمة «تصفية التركة» للاحتلال الإسرائيلي بدل المبادرة بحلها طواعية ومن قبل الفلسطينيين أنفسهم.

اليوم ترتفع وتيرة الحديث عن احتمالية «انهيار السلطة» وليس حلّها، وتحديداً في معرض الرد على العقوبات الاقتصادية الشاملة التي تنفذها إدارة ترامب ضد السلطة والأونروا والوجود الفلسطيني الصحي والاجتماعي في القدس، انسجاماً مع قرار ترامب الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها.

في مخيلتي سيناريوهات ثلاثة لانهيار السلطة الفلسطينية أو خروجها من حيز الوجود:

الأول؛ غير مرجح، ويفترض الانهيار الاقتصادي للسلطة، تحت قطع المساعدات الخارجية أو إحجام إسرائيل على توريد أموال الضرائب الفلسطينية... ونقول غير مرجح، لأن إسرائيل ما زالت حتى اليوم، تجد مصلحتها في بقاء السلطة، بما توفر من خدمات «الحراسة والكناسة» في مناطق الضفة الغربية، سيتغير هذا الحال، إن وصلت إسرائيل لقناعة مفادها أن «تخليق» قيادات محلية وجهوية والتعامل المباشر مع زعامات «الكانتونات» الفلسطينية، يخدم مصالحها على نحو أفضل.

الثاني؛ محتمل، وينجم عن إقدام القيادة الفلسطينية على تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وبالمناسبة فإن واشنطن التي أوقفت كافة المساعدات للسلطة، أبقت كما تقول المصادر، على ستين مليون دولار تقدم للأجهزة الأمنية لاستبقاء مهمة «الحراسة» ... السلطة تدرك أن قراراً بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل يعادل قراراً بحل السلطة، ولذلك نقول إن هذا السيناريو «محتمل»، حتى لا نبدو في موقع سوداوي شديد التشاؤم.

الثالث: غير مرجح، ويتمثل بقرار من السلطة بـ»تسليم المفاتيح»، إذ حتى لو توفرت المصلحة والقناعة الوطنيتين بحل السلطة، فإن شبكة المصالح المحيطة ببقائها واستمرارها، تبدو من النوع الصلب والعصي على التذليل، جيوش من الموظفين والمتقاعدين، ونصف موازنة السلطة العامة تذهب رواتب، مصالح وامتيازات للطبقة الحاكمة وأرستقراطية السلطة، وزواج غير شرعي بين البعض في مجتمع الأعمال والبعض في مجتمع السلطة ... كل ذلك ساهم ويسهم في خلق قاعدة اجتماعية عريضة لسلطة لا سلطة لها، ستبقى على رؤوس الفلسطينية حتى وإن تعارض وجودها مع عناوين المرحلة الاستراتيجية الجديدة في كفاحهم الوطني من أجل الحرية والاستقلال، العودة والمساواة.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة سيناريوهات لحل السلطة أو انهيارها ثلاثة سيناريوهات لحل السلطة أو انهيارها



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca