رسائل الحوثي

الدار البيضاء اليوم  -

رسائل الحوثي

بقلم : عريب الرنتاوي

هجوم الحوثي على مطار أبو ظبي بطائرة مسيّرة، واستهدافه ناقلتي نفط سعوديتين على مقربة من باب المندب، تطوران مهمان في سياقات الأزمة اليمنية ... وهما تطوران من طبيعة نوعية، وينطويان على عدد من الدلالات ويستبطنان عدداً من الرسائل.

في الدلالات أولاً، فإن الحوثي قرر -على ما يبدو- توسيع نطاق الحرب وميادينها، فلا تقتصر فقط على الأجواء والمياه والأراضي اليمنية، ولا تقتصر حدودها عند المحافظات الحدودية الثلاث: جيزان، نجران وعسير، بل تتخطاها إلى العمق السعودي: فهو استهدف من قبلُ كل الرياض وخميس مشيط وغيرهما، وطرق إمداد وتصدير النفط السعودي من خلال استهداف الناقلات... وهو يستهدف اليوم، الإمارات في عاصمتها، وهي التي تلعب دوراً أساسياً في إطار التحالف العربي بقيادة السعودية، وتتولى دور «رأس الحربة» في حرب الموانئ والساحل الغربي على وجه الخصوص.

أما في الرسائل، فإن الحوثي أراد إفهام خصومه، بأن ذراعه طويلة، وأنه قادر على ضرب العمق الاستراتيجي لخصومه، الحساسين جداً لأي اضطراب أمني، خصوصاً دبي وأبو ظبي، وأن صعدة والحديدة وصنعاء، لن تكون وحدها المدن التي تُسمَع فيها صافرات الإنذار، وأن أمراً كهذا، يمكن ان يحدث في مدن وعواصم، لم تعتد «الطوارئ» من قبل.

البعض يقترح، أن الحوثي بلجوئه إلى استهداف الناقلات ومطار أبو ظبي، إنما يعطي إشارة على استعداده للجوء إلى «خيار شمشون»، أي هدم المعبد على رؤوس الجميع ... لكن من تتبع وقائع الحرب في اليمن وعليه، والتي دخلت شهرها الثالث والأربعين، يدرك تمام الإدراك، أن «الجماعة» لم تصل إلى هذه المرحلة، وأن لديها من القدرة على القتال، ما يرشح هذه الحرب للاستمرار لسنوات أخرى عديدة قادمة ... لسنا على عتبات «خيار شمشون» وإن كنّا أمام فصل جديد من التصعيد، واجتياز الخطوط الحمراء، توطئة لجولة أكثر جدية من المفاوضات التي يرعاها مارتن جريفيت.

وإذا كان المحللون السياسيون تساءلوا فورَ أن تناهت إلى مسامعهم أنباء الهجوم «المسيّر» على مطار أبو ظبي، عن مغزى هذا التطور، وبالأخص، دلالة توقيته، فإن لدى كاتب هذه السطور، ما يكفي من المعلومات للتأكيد بأن المسألة لا علاقة لها بالتوقيت، ولا بالقرار، فالقرار متخذ منذ زمن طويل، وما منع ترجمته، هو عدم امتلاك الحوثيين، لصواريخ بمديات ورؤوس حربية، كافية لضرب العمق الإماراتي ... وما أن توافرت لهم الإمكانية لفعل ذلك، ومن خلال «تطوير» الطائرات المسيّرة، وزيادة مديات وساعات تحليقها، حتى بادروا إلى تنفيذ أول هجوم على هدف إماراتي استراتيجي.

في أول رد فعل على الهجمتين، أوقفت السعودية مرور ناقلات نفطها عبر باب المندب، لإثارة المجتمع الدولي إلى خطورة الأوضاع والتهديدات الحوثية لأمن الملاحة الدولية ... أما الإمارات، فقد آثرت ألا تجاري الحوثي في روايته، وفضلت تقديم رواية عن «اصطدام» أرضي وقع بين آليات تعمل على تقديم الخدمات الأرضية في المطار ... لكن الحوثي، سيسعى في تكرار استهدافه، لكي يعظم مكانته على مائدة المفاوضات المتوقع التئامها، بنتيجة جهود الموفد الأممي.

وإذا كان من المرجح، أن تلجأ دول التحالف، إلى تصعيد ردود أفعالها وتكثيف عملياتها على جبهات الحرب اليمنية المختلفة، وتحديداً في منطقة الحديدة، فإن من المتوقع أن تسعى هذه الأطراف، إلى استهداف شخصيات قيادية في تحالف الحوثي، لاستعادة صورتها «الردعية» من جهة، وللجم اندفاعة الحوثي، ومنعه من استئناف هجماته، على مواقع استراتيجية وحساسة للدولتين الرئيستين في قيادة التحالف، من جهة ثانية.

 

لكن، من يعرف طبيعة الوضع اليمني، وطبيعة القوى المحتربة، لن يساوره الشك بأن هذه التكتيكات لن تفلح في تحقيق مراميها، وأن الحل في اليمن، إما أن يكون سياسياً، أو لا يكون ... وأن نظرية «المستنقع اليمني» الذي ابتلع جمال عبد الناصر وجيشه، ووقف سدًا منيعاً في وجه العثمانيين من قبل، لن يكون لقمة صائغة لأحد من بعد، فهل تجنح الأطراف للحلول الوسط وخيار التفاوض؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الحوثي رسائل الحوثي



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca