أخر الأخبار

مفارقة هلسنكي: حين يربح الأسد ونتنياهو معًا

الدار البيضاء اليوم  -

مفارقة هلسنكي حين يربح الأسد ونتنياهو معًا

بقلم : عريب الرنتاوي

هيمن الأداء «المخزي» و»الضعيف» للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة هلسنكي على التقارير والتغطيات وردود الأفعال التي صاحبت القمة وأعقبتها، حتى أننا لم نعرف سوى القليل عمّا دار من محادثات في «صلب» القضايا المدرجة على جدول الأعمال، ولولا تصريحات مقتضبة صدرت عن ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في المؤتمر الصحفي المشترك، لما أمكن لنا تجميع «الصورة الكليّة» عن القمة ونتائجها.
ثمة إجماع في أوساط المراقبين والمتتبعين، على أن القمة «التاريخية» المنتظرة، انتهت بتسجيل فوز كاسح للرئيس الروسي على نظيره الأمريكي ... الأول، بدا منتشياً بما أنجز، والثاني بدا تبريرياً دفاعياً، فيما فضحت نظراته الكسيفة وهدوءه غير المعتاد، تورطه في مواقف ومقاربات، ستظل تطارده طيلة حياته السياسية... الرئيس الذي يكره القراءة عموماً، ويعتمد على «أحاسيسه» و»غرائزه»، خان نفسه بنفسه، قبل أن يبدأ بتلقي الاتهامات من كل نوع وصوب، بما فيها الاتهام بـ»الخيانة» و»العمالة» للكرملين.
فيما خصّ الأزمة السورية، اتفق الجانبان على ما اتضح، على «العمل سوياً لحفظ أمن إسرائيل»، أمرٌ دفع نتنياهو لأن يكون الزعيم الدولي الوحيد الذي رحب بالقمة وشكر ترامب وأثنى على بوتين ... نخلص من ذلك، أن التفاهمات الروسية – الإسرائيلية التي قيل بشأنها الشيء الكثير قبل القمة، قد أصبحت بعدها، في صلب التوافق الأمريكي – الروسي في سوريا وحولها.
يعني ذلك، أن ثمة مؤشرات على استعداد روسي لـ»التساوق» مع المطالب الأمريكية – الإسرائيلية بشأن إعادة تعريف وتحديد الدور الإيراني في سوريا ... نقول «تساوق» ولا نقول مجاراة وتوافق ... فروسيا كما أسلفنا في مقال سابق، تتفهم مخاوف إسرائيل وحساباتها الأمنية، وإن كانت لا تأخذ بـ»الإيرانوفوبيا» حتى نهايتها، وتبدي استعداداً لتلبيتها على نحو واقعي وبوسائل ناعمة، وهي سبق وأن أعلنت أن لا مبرر لبقاء إيران عسكريا في سوريا، وطالباتها علناً بسحب قواتها وقوات حزب من هذا البلد، على اعتبار أن الحرب ضد الإرهاب، قد شارفت على نهايتها، وهي تؤيد دوراً سياسياً (علاقات ديبلوماسية نشطة) واقتصادياً (إعادة الإعمار) لإيران في المرحلة السورية المقبلة.
مثل هذا التوجه، يكفي واشنطن وتل ابيب، مرحلياً على الأقل، ولهذا قال ترامب بأنه وبوتين قررا العمل معاً لمنع إيران من ملء فراغ داعش ... ولهذا السبب أيضاً، احتفى نتنياهو وطاقمه الوزاري، بالمكاسب الإسرائيلية المتحققة في هلسنكي، قبل أن يتصاعد الدخان الأبيض من قاعة الاجتماعات.
ميدانياً، بدا لافتاً أن تفاهمات بوتين – ترامب، قد أخذت طريقها للترجمة في الميدان السوري، حتى قبل التئام القمة، ما يؤكد أنها كانت حاضرة بقوة في الاتصالات التمهيدية، وأنها تتمحور حول تفاهمات بوتين – نتنياهو ... وإذا كانت الغارة الإسرائيلية على أهداف في محيط حلب قبل أيام، قد قوبلت بتجاهل روسي متكرر، وغير مفاجئ، فإن المفاجئ حقاً، وغير المسبوق، هو أن يقوم الطيران الروسي، بضرب أهداف للجماعات المسلحة على مقربة من الجولان المحتل، ومن فوق الأجواء الإسرائيلية، فما الذي نحتاجه أكثر من ذلك، للتعرف على مدى عمق هذه التفاهمات، مثلثة الأطراف، في سوريا وحولها.
على أن سؤالاً، لا شك يطرق أذهان المراقب، ويتعلق أساساً بموقف النظام السوري من هذه التفاهمات الثلاثية، ومن المقاربة الروسية الجديدة، وكيف تنظر إيران وحلفاؤها، وبالأخص حزب الله، لهذه المسألة؟
والحقيقة أننا جادلنا من قبل، ببطلان نظرية «وحدة الجبهة الشمالية»، أو «جبهة المقاومة»، ورجحنا أن يعاود النظام السوري تسكين جبهة الجولان، ما أن تستتب له السيطرة على معظم المناطق السورية، وتحديداً الجنوبية... مثل هذا التقدير، كان يقابل بالاستنكار والاتهام من قبل ناطقين ومحللين محسوبين على «محور المقاومة»... وفي ظني أن نظام الرئيس الأسد، سيسير على هذا الطريق، وإن بحذر وتؤدة... سيما وأنه بات أكثر اطمئناناً لمستقبل نظامه، ولموقعه في التفاهمات الثلاثية، فصح أن نقول، أنه ونتنياهو، كانا بعد بوتين، أكبر رابحين في قمة هلسنكي، وتلكم من المفارقات الغربية العجيبة، حتى لا نقول من سخريات القدر.
وكان لافتاً أمس الأول، أن صحيفة الوطن السورية، المقربة من النظام، فتحت النار على مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي أكبر ولايتي، لقوله إنه «لولا إيران لكانت دمشق سقطت في قبضة داعش»، مع إن مثل هذا التصريح، تكرر مراراً على ألسنة مسؤولين إيرانيين كبار من قبل، وحرصت الصحيفة واسعة الانتشار، في سابقة غير معهودة، على التذكير، بأقوال مماثلة للرئيس الإيراني حسن روحاني، مشددة على الدور الحاسم الذي لعبه الجيش السوري في الحرب على الإرهاب وتحرير سوريا، كاشفة عن عمق التناقض بين نفي إيران لوجود قوات لها في سوريا (مستشارين فقط) وحديثها عن دورها في إسقاط داعش ومنع سقوط دمشق؟ ... والمرجح أننا سنرى المزيد من هذه السجالات في قادمات الأيام، سيما إن لاحت في الأفق بوادر تسويات سياسية، تعيد انتشار القوات السورية على كافة الأراضي السورية، وخروج الأمريكيين والأتراك منها، بالتفاوض وليس بالوسائل المستبعدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفارقة هلسنكي حين يربح الأسد ونتنياهو معًا مفارقة هلسنكي حين يربح الأسد ونتنياهو معًا



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 19:03 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

عبد الكبير الوادي يصدم الرجاء برفضه لتجديد العقد

GMT 10:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

زيادة معدلات الطلاق في مصر إلى 170 ألف حالة سنويًا

GMT 19:23 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب فيديو يوثق لممارسة تلميذ الجنس مع تاجر في كلميم

GMT 14:04 2015 الأحد ,12 إبريل / نيسان

4 خلطات من حب العزيز للتسمين

GMT 07:53 2015 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

برمجة مسلسل "مقطوع من شجرة" للموسم الثاني على التوالي

GMT 19:33 2013 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

8 نصائح مفيدة لتصمم غرفة مشتركة عصرية

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 13:26 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

مكسيم خليل يكشف عن أمنياته للعام الجديد عبر "تويتر"

GMT 04:06 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

عصير البنجر يوسع الأوعية الدموية ولا يؤدي لتدفئة الجسم

GMT 23:47 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

توقيف أربعة أشخاص في تيزنيت بتهمة التزوير

GMT 18:17 2014 الإثنين ,21 تموز / يوليو

سلال الريحان تراث يتجدد في الريف السوري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca