معركة الأونروا والحرب على اللاجئين

الدار البيضاء اليوم  -

معركة الأونروا والحرب على اللاجئين

بقلم - عريب الرنتاوي

تقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على شفا هاوية من الانهيار، ذلك أن عجزها المتكرر والمتراكم، سيلامس حافة الإفلاس مع قرار إدارة ترامب وقف كامل المساهمة الأمريكية في ميزانية الوكالة، والتي تكاد تغطي نصفها كما هو معروف، والأرجح أن الأيام الأسوأ ما زالت بانتظار مئات ألوف اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون مساعدات الوكالة التي أنشئت لغوثهم وتشغيلهم، خصوصاً في مناطق عمل الأونروا، الأكثر هشاشة وبؤساً.
أكثر من نصف مليون طالب، يتلقون تعليمهم في مراحله المختلفة، تنتظمهم قرابة الـ»700» مدرسة وتسع كليات مهنية وكليتين للعلوم التربوية إضافة إلى معهدين لتدريب المعلمين... أقل من نصف هؤلاء الطلبة بقليل، يتركزون في قطاع غزة، وبقيتهم تتوزع على مخيمات اللجوء في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، بالإضافة إلى 22 ألف موظف ومدرس، يقومون على أكبر شبكة تعليمية غير حكومية، في المنطقة برمتها.
أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني يراجعون ما يقرب عن 150 عيادة ومركزا صحيا، توظف 3340 موظفاً إدارياً وممرضاً وطبيباً، تسجل سنوياً ما يقرب من تسعة ملايين زيارة ... كل هذا الصرح، يبدو مهدداً بالانهيار، دع عنك بقية الوظائف والخدمات التي تقدمها الوكالة ويستفيد منها ألوف المحتاجين من أبناء المخيمات، من مساعدات وقروض صغيرة وخدمات نظافة وغيرها.
واشنطن، كشّرت عن أنيابهم، وهي تضع اليوم الوكالة الدولية في قلب دائرة استهدافاتها ... بدأت القصة بتقليص المساهمة الأمريكية، وتطورت إلى وقفها بالكامل، وتفاعلت بما كُشف عنه من محاولات أمريكية لشطب الأونروا وإلغائها ... وغداً ليس من المستبعد أن تفرض واشنطن عقوبات على من يموّل الوكالة، أو يسعى في تعويض النقض الناجم عن إيقاف الدعم الأمريكي لها، تماماً مثلما تفعل واشنطن مع «الدول المارقة» و»المنظمات الإرهابية» ... الوكالة تتعرض لاستهداف تصاعدي، قد يضعها في المنزلة ذاتها، مع الدول والمنظمات المذكورة.
أما في الشق السياسي، فقد كانت نيكي هيلي، الأكثر بلاغة من بين فريق ترامب في التعبير عن هدف واشنطن بعيد المدى: سحب ملف اللاجئين عن مائدة التفاوض حول الحل النهائي، تماماً مثلما قال ترامب عن «القدس» بعدما قرر الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده تل أبيب إليها: لقد سحبنا ملف القدس من جدول أعمال المفاوضات النهائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
هيلي لم تُبق حديثها في إطار العموميات، فهي أعربت عن استعداد بلادها لمعاودة تمويل الأونروا، أن نجحت الأخيرة في «تقليص» أعداد اللاجئين المسجلين على كشوفها، إلى عشرة بالمائة فقط من العدد الإجمالي لهم ... وأحسب أنها بذلك، تتناغم وتتساوق، بل وتستبق قرار الكونغرس بإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني وحصره في الجيل الأول من اللاجئين، مع أن «تعريف» الأمم المتحدة للاجئ يشمل اللاجئ والمتحدرين من صلبه، من جيل الأبناء والأحفاد.
ما الذي يعنيه ذلك معيشياً بالنسبة للاجئين الفلسطينيين؟
إنه يعني ببساطة إضافة جيل بأكمله إلى الأمية والجهل والبطالة والفقر والتشرد، إنه بمثابة صب الزيت على نار المعاناة الإنسانية الكارثية، التي يعيشها أكثر من خمسة ملايين لاجئ مسجل على كشوف الأونروا، قرابة نصفهم على الأقل، ما زالوا يقيمون في مخيمات النكبة واللجوء.
ماذا يعني سياسياً بالنسبة للقضية الفلسطينية؟
إنه يعني ببساطة، أن واشنطن قررت من جانب واحد، وبالضد من الشرعية الدولية والإجماع العالمي، شطب قضية اللاجئين، وشطب حقهم في العودة إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم ... لا بل إنها تذهب إلى حد شطب التفكير (مجرد التفكير) بحقهم في الحصول على تعويض مناسب، طالما أنه وفقاً لواشنطن، فليس هناك أكثر من نصف مليون لاجئ، أما البقية فليسوا كذلك... ومن الآن، إلى أن تستكمل المفاوضات والمشاورات بشأن الحل النهائي، سيكون الجيل الأول من النكبة قد رحل عن هذه الدنيا، إذ بفرض أن لاجئاً غادر بلدته وهو لم يجتز العام الأول من عمره، فإنه اليوم، يكون قد بلغ الثانية والسبعين عاماً، علماً بان متوسط عمر الفرد في الأردن وفلسطين وجوارهما، لا يزيد عن خمسة وسبعين عاماً.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للدول المضيفة؟
إنه يعني ببساطة: «قلّعوا أشواككم بأيديكم»، بل وتحملوا وزر عشرات الألوف من الطلبة والمرضى والمحتاجين والباحثين عن عمل... لا تنتظروا تعويضات للدول المضيفة طالما أن اللاجئ نفسه لن يحصل عليها ... وكل من ظن أن سيلاً من التعويضات السخية سيهبط عليه ما أن تحين لحظة الحل النهائي، عليه أن يعيد النظر في حساباته.
يجري كل ذلك، أمامنا وتحت ناظرينا، فيما «الإخوة الأعداء» على ضفتي الانقسام الفلسطيني، يتجادلون في أيهما يسبق الآخر: تمكين حكومة رامي الحمد الله أم تمكين حركة حماس ... هل تسلم حماس القطاع (فوق الأرض) وتحتفظ بما تحتها، أم يتعين تسليمه كاملاً للسلطة، ومن الباب للمحراب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الأونروا والحرب على اللاجئين معركة الأونروا والحرب على اللاجئين



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca