أخر الأخبار

ليس دفاعاً عن أردوغان.. ولكن!

الدار البيضاء اليوم  -

ليس دفاعاً عن أردوغان ولكن

بقلم - عريب الرنتاوي

لا أنكر أنني على خصومة سياسة وفكرية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتحديداً بعد العام 2012، والدور الذي رسمه لبلاده في أزمتي سوريا والعراق، ودعمه الحصري لجماعة الإخوان المسلمين، وسلوكه الداخلي المتسم بـ»الشعبوية» وتهديد مسار الحريات والحقوق والتحولات الديمقراطية في بلاده.
ولست ساذجاً، كما كثيرين غيري، حتى لا نرى العلاقة الدفينة بين مواقفه الصلبة تجاه إسرائيل ومجازرها في غزة، أو من قبلها، موقفه القوي من قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، من جهة والاستحقاق الانتخابي المقبل من جهة ثانية ... فالرجل مقبل على انتخابات رئاسية وبرلمانية وشيكة، وهو بحاجة لمخاطبة قطاع من الرأي العام التركي المحافظ والمتدين، والذي يرتبط بعرى وثيقة مع فلسطين والقدس. 
لكنني مع ذلك، ورغم ذلك كله، أرى أنه اتخذ موقفاً صحيحاً أربع مرات على الأقل: استدعاء سفيري بلاده لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، طرد السفير الإسرائيلي في أنقرة، والدعوة لقمة عاجلة لمنظمة التعاون الإسلامي، ودائماً، وسط سيل الانتقادات الحادة الذي لم ينقطع ضد إدارة ترامب وحكومة نتنياهو.
ليس مهماً أن يقال إن الرجل ديماغوجياً وشعبوياً، اللهم إلا إذا كان العقلاء وغير الشعبويين في عالمنا العربي، يعملون بصمت من أجل الإطاحة بمشروع ترامب وعروبة القدس وتدعيم الموقف الفلسطيني الشعبي والرسمي في مواجهة أخطر تحد تجابهه القضية الفلسطينية منذ عشرات السنين ... لكننا نعرف، وتعرفون، أنهم لا يفعلون شيئاً على الإطلاق، وأن مواقفهم تتراوح ما بين العجز والجبن والتواطؤ وعدم المبالاة.
وليس مهماً أن يقال إن الرجل يسعى في خطب ود ناخبيه، وأن عينه على صناديق الاقتراع، هذه نقطة تحسب له ولا تحسب عليه، فالشرعية الحقيقية هي تلك التي تأتي بها صناديق الاقتراع، لا صناديق الرصاص، والمؤسف حقاً، أن بعضاً مما يكيلون الاتهامات لأردوغان حول هذه النقطة، لم يتعرفوا يوماً على صناديق الاقتراع، ولم يعترفوا بالرأي العام ولم يحسبوا حساباً لأولوياته وتفضيلاته في السياستين الداخلية والخارجية.
 قد نتفهم إحجام عواصم عربية عن اتخاذ مواقف صلبة ضد تل أبيب وواشنطن، بسبب ما تواجهه من تحديات ومصاعب، ولكننا لا نتفهم أبداً، ولا نقبل على الإطلاق، أن ينبري إعلام هذه العواصم، ومن باب «تبرئة الساحة والذمة والضمير» للتنديد بأردوغان ووصف سلوكه بالغوغائية و»المَنْفخات» و»الشعبوية» ... مثل هذه التوصيفات والاتهامات، كان يمكن أن تكون مقبولة تماماً، لو أن حكوماتنا ودولنا العربية، تتوفر على خطة عمل لمجابهة موجة العداء الأمريكي – الإسرائيلي للفلسطينيين، ولو أنها جاءت مقرونة بإرادة سياسية للمجابهة والتصعيد... أما أن تكون من باب درء الحرج، فتلكم أسوأ المقاربات على الإطلاق.
لماذا يراد لنا أن نجرّد الرجل وحزبه وحكومته من حسهم الإسلامي والإنساني، والقول بإن ما يصدر عنهم من مواقف، محسوب فقط بمصالح واعتبارات شخصية؟ ... دعونا ننظر للمسألة من زاوية وظيفتها السياسية، وما إن كانت تخدم الفلسطينيين في هذه المرحلة، أم تلحق الضرر بنضالهم العادل والمشروع والسلمي؟
ثم، إن كانت «الغوغائية» و»الانتهازية» هما ما يفسر سلوك أردوغان، ويقرران منهجه السياسي، فكيف نفسر مواقف دول مثل جنوب أفريقيا وبلجيكا واللوكسمبورغ ... هل هؤلاء «شعبويون» أيضاً، وهل يمكن إدراج مواقفهم في بورصة المزايدات والمناقصات؟
بتثاقل شديد، تنادت الجامعة العربية لعقد اجتماع على مستوى المندوبين للتدارس في وضع القدس وغزة وفلسطين، أية مسخرة هذه ... ولولا صوت أردوغان المرتفع، ودعوته لقمة إسلامية، لما قرر «جائحة» الدول العربية، رفع مستوى اجتماعها المقبل إلى المستوى الوزاري ... هل نقول شكراً للوزراء العرب وأمين عام الجامعة، أم نقول شكراً أردوغان.
في الموروث العربي الدارج، يقال: إذا بُليتم فاستتروا ... لكن «شرش الحياء طقّ» عند كثيرين منّا، سياسيين وإعلاميين وكتاب ... نراهم ينتقلون من «الصمت المريب» إلى الهجوم على الذين يرفعون أصواتهم وعقائرهم ضد المجازر الإسرائيلية ومشاريع تهويد القدس وأسرلتها ... أية وقاحة هذه، وأي تهافت ذلك الذي بات يسمح لكتاب ورياضيين ورجال أعمال و»مفكرين» عرب، للهرولة نحو إسرائيل والتطبيع معها، بل والمجاهرة البالغة حد التبجح، بتبني روايتها وسردياتها حول الصراع العربي الإسرائيلي ... بئس الحالة التي انتهى إليها الوضع العربي في بعديه الرسمي أولاً، والثقافي – الفكري ثانياً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس دفاعاً عن أردوغان ولكن ليس دفاعاً عن أردوغان ولكن



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 19:03 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

عبد الكبير الوادي يصدم الرجاء برفضه لتجديد العقد

GMT 10:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

زيادة معدلات الطلاق في مصر إلى 170 ألف حالة سنويًا

GMT 19:23 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب فيديو يوثق لممارسة تلميذ الجنس مع تاجر في كلميم

GMT 14:04 2015 الأحد ,12 إبريل / نيسان

4 خلطات من حب العزيز للتسمين

GMT 07:53 2015 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

برمجة مسلسل "مقطوع من شجرة" للموسم الثاني على التوالي

GMT 19:33 2013 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

8 نصائح مفيدة لتصمم غرفة مشتركة عصرية

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 13:26 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

مكسيم خليل يكشف عن أمنياته للعام الجديد عبر "تويتر"

GMT 04:06 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

عصير البنجر يوسع الأوعية الدموية ولا يؤدي لتدفئة الجسم

GMT 23:47 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

توقيف أربعة أشخاص في تيزنيت بتهمة التزوير

GMT 18:17 2014 الإثنين ,21 تموز / يوليو

سلال الريحان تراث يتجدد في الريف السوري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca