أخر الأخبار

الرئيس وأزمة المريض المزمن

الدار البيضاء اليوم  -

الرئيس وأزمة المريض المزمن

عماد الدين أديب

المداخلة الهاتفية المفاجئة التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء أمس الأول لبرنامج «القاهرة اليوم» هى من أهم وأكثر تصريحات الرئيس كشفاً عما يدور داخل عقله وقلبه.

توقفت طويلاً أمام نبرة الصوت وهو يخاطب الأستاذ عمرو أديب والسيدة رانيا بدوى وشعرت أننى أمام مزيج من «الطيبة والدفء - وأيضاً - الحزن وثقل الهم».

يبدو أن الرجل يريد أن يقول للناس «لو عرفتم الذى أعرفه عن حقائق الأزمات التى تعانيها البلاد ويعانى منها العباد لارتفع بعضكم إلى مستوى المسئولية الواجبة لمواجهة الخطر الذى يهددنا».

وكأن الرئيس يريد أن يقول لهم «لقد تسلمت دولة منهارة تعانى من تراكمات أخطاء فادحة منذ هزيمة 1967 وجاءت أحداث يناير 2011 وأطاحت ببناء الدولة الهش وحولته إلى ركام».

وكأن الرئيس يريد أن يصرخ «يا قوم كونوا معى على مستوى الأزمات التى ورثتها والتى تحتاج إلى موارد لا نهائية وعمل جبار وأسطورى».

وكأن الرئيس يريد أن يصرخ: «أنا بحاجة لجهود الجميع حتى نخرج الوطن من «غرفة الإنعاش»، وحتى نتمكن من أن نضرب بيد من حديد تراكمات الفساد والمفسدين التى تعشش أكثر من نصف قرن داخل كافة مؤسسات الدولة».

ما سمعناه وشاهدناه أمس الأول هو «رئيس يجاهد ويعانى ليل نهار لإنقاذ وطن مثقل بالأخطاء والخطايا المتراكمة».

عادة هناك آلام للشعب، وهناك هموم للمحكومين، لكننا فى مصر لم نتوقف أمام آلام الحاكم وهمومه الضاغطة.

نحن دائماً نلقى على الحاكم وحده بأحلامنا وهمومنا وشكوانا ونجلس بانتظار الحلول دون أن نحرك ساكناً ودون أن نسهم فى الحل، وكأن الحاكم منذ مصر الفرعونية حتى الآن قد خُلق كى نلومه لأنه لم يحقق لنا كل ما نريد.

ومن الأخطاء الكبرى التى تقع فيها النخبة السياسية المعاصرة فى مصر هى الخلط بين دور «الرئيس» ودور «النظام» واعتبارهما شيئاً واحداً ويتحملان مسئولية واحدة.

أنصار هذه النظرية يدعمون رأيهم هذا بقولهم: «إن الرئيس فى مصر هو -دستورياً- الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية والقائد الأعلى للقوات المسلحة»، لذلك هو -حُكماً وبالضرورة- «النظام السياسى».

باختصار، هؤلاء يعتبرون الرئيس هو النظام، والنظام هو الرئيس، ولا فارق بينهما فى الدور ولا السلطة، ولا المسئولية السياسية التاريخية.

والحقيقة، أن الرئيس فى مصر شىء، والنظام السياسى بمؤسساته وأجهزته وجهازه الإدارى البالغ أكثر من 7 ملايين موظف هو شىء آخر.

من يدقق فى الأمور ويقرأ التاريخ المعاصر جيداً سوف يدرك أنه كثيراً ما أصدر رؤساء لمصر قرارات وقوانين صادقة مخلصة يعتقدون أنها لمصلحة الشعب وبينما هى تخوض رحلة الهبوط من مركز صناعة القرار فى قمة الهرم وهبوطها إلى قاعدة التنفيذ تم اختطاف القرار وتحويل مساره من قرار لمصلحة «كل الناس» إلى مصلحة بعض أصحاب المصالح، بل أحياناً يصبح القرار ضد مصالح الجماهير.

النظام السياسى فى مصر بمؤسساته هو «ديناصور شرس وقديم له مخالب ضاربة فى كل شبر على أرض الوطن».

هذا الديناصور الأسطورى يتعايش على الفساد والسيطرة الحكومية والبيروقراطية المعطلة لأى قرار بهدف التربح من جيوب البسطاء والفقراء.

هذا هو القهر البيروقراطى الذى يعانى منه الحاكم كما يعانى منه المحكوم.

هذا هو العدو الحقيقى لكل المصريين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس وأزمة المريض المزمن الرئيس وأزمة المريض المزمن



GMT 04:32 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«صاروخ» الرئيس و«توك توك» الدولة

GMT 06:46 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

حلول جذرية لكوارث مزمنة

GMT 06:51 2016 الإثنين ,23 أيار / مايو

مصر أمام تحدى الحياة أو الموت

GMT 02:00 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

الموت يُفجع عادل الميلودي ويخطف أعز أقاربه

GMT 15:05 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأطفال يتصدرون احتجاجات جرادة ويرددون الشعارات الحماسية

GMT 01:08 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر المرابط يرفض مشاركته في تظاهرة للتنديد بوفاة "فكري"

GMT 05:25 2013 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

وفاة أكبر سجين حرب بريطاني عن عمر 98 سنة

GMT 20:54 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

اللاعب مهدي الخلاطي يفوز بجائزة الراحل باموس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca