العرض.. والمرض

الدار البيضاء اليوم  -

العرض والمرض

عماد الدين أديب

قال العلامة ابن خلدون فى كتابه الشهير «المقدمة» إن «كل حكم يقوى بالعصبيات التى تؤيده ويسقط بالتعصب لهذه العصبيات»! الدنيا فيها عصبيات ولكن التعصب هو خطر شديد، والدنيا مليئة بالطوائف لكنها تهلك بالطائفية، والدنيا مليئة بالقبائل لكنها تتشرذم بالقبلية! لذلك يجب النظر إلى كثير من الأزمات المحلية التى نحياها منذ أعوام فى الدلتا والصعيد على أنها نتاج مؤلم للطائفية والتعصب والنزعات القبلية، وآخرها ما حدث فى أسوان أمس الأول. هذا الحدث المؤلم، الذى راح ضحيته 21 قتيلاً حتى كتابة هذه السطور وعشرات المصابين من الجانبين، هو صورة محزنة لحالة الانقسام والتشرذم والرؤى القبلية المحدودة والسلوك المتعصب الذى يصل بالإنسان الطيب المسالم إلى حمل السلاح وإطلاق الرصاص ضد شقيقه فى الوطن والدين والمحافظة والحى الواحد! وللأسف، لا أعتقد أن ما حدث فى أسوان هو نهاية هذا النوع من السلوك الدموى القاتل الذى لن يصل بأصحابه إلى أى شىء سوى الدمار والتشرذم. ورأيى هذا قائم على أن جذور الانقسام داخل المجتمع المصرى ما زالت قوية وما زالت تجد من يوقد نارها ويزيد من عناصر توترها بسبب فقدان الوعى الجمعى لدى عقل الدولة ولدى ضمير النخبة. ما زالت مصر تعيش حالة من الفوضى السياسية والارتباك فى الرؤية والخلل فى تحديد أهداف النظام والدولة. ما حدث فى أسوان هو إحدى علامات مرض قديم نعانى منه، وكلما ظهرت تداعياته عالجناه بالمسكنات وابتعدنا عن العلاج الشافى بطريق علمى وموضوعى. وسوف نستمر نفاجأ بحادث مزلقان واصطدام قطارات والسحابة السوداء وإنفلونزا الطيور والخنازير وانقطاع الكهرباء ونقص السولار وأزمة الأنابيب بشكل موسمى متكرر دون علاج حقيقى وجذرى! مشاكل مستعصية وتاريخية لا يتم التعامل الشجاع مع جذورها وتعود كل موسم وكل عام تنفجر فى وجوهنا بشكل غبى ومتكرر. لذلك كله نفسر ما حدث فى أسوان بأنه عرض لمرض! "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرض والمرض العرض والمرض



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca