الظلم مرتعه وخيم

الدار البيضاء اليوم  -

الظلم مرتعه وخيم

عماد الدين أديب

جاء الإسلام برسالة تحمل في طياتها فكر السماحة وتدعو إلى بسط العدالة، وتسعى لمحاربة الظلم بكل أشكاله وصوره. ولست أعرف كيف يمكن لحاكم ينطق بالشهادتين أن يعيش مع ضميره الإنساني والديني وهو يصدر أوامره لشرطته وجيشه بقتل معارضيه، وقصف مواطنيه بالمدفعية الثقيلة، ويأمر سلاح طيرانه بإسقاط قذائفه على المدنيين العزل؟ لست أعرف كيف يذهب مثل هذا الحاكم إلى فراش كل ليلة ويغط في نوم عميق؟ ألا يسمع في غرفه نومه أنين الأرامل وبكاء الأمهات وصراخ الأطفال اليتامى واصطكاك أسنان النازحين في معسكرات الإيواء من فرط صقيع الشتاء؟ كيف يعيش مثل هذا الحاكم مع نفسه؟ كيف تتولد لديه شهية كي يضع لقمة خبز في فمه وكيف يستمتع بطبق من الحلوى الفرنسية أو المعجنات الإيطالية، بينما الملايين من شعبه لا يجدون رغيف خبز نظيفا أو شربه ماء غير ملوثة؟ كيف يتنعم هذا الحاكم بحراسة مميزة على مدار الـ24 ساعة في الشارع والمكتب وأمام غرفة نومه، بينما شعبه يفتقر إلى أبسط أنواع الأمن والأمان؟ كيف يذهب هذا الرجل إلى المسجد ويسجد ويركع لله أمام عدسات التلفزيون العالمية مؤديا الصلاة، بينما يصدر يوميا مئات القرارات التي يهتز لها عرش الرحمن في علاه؟ إذا كانت المحكمة الدولية الجنائية لا تخيف، ولا الجامعة العربية ذات أي تأثير، وإذا كان البند السابع من ميثاق مجلس الأمن والجمعية العامة لا يردع هذا الحاكم، فيكفي هذا الرجل أن يعلم أنه من الممكن أن يقف في أي لحظة أمام العلي القدير في ساعة الحساب العظيم؟ ألا يخاف تلك اللحظة التي لا يفلت فيها أي كائن من حسابه العادل أمام خالقه؟ ألا يخشى هؤلاء تلك اللحظة المهيبة؟ المسألة ليست حالة من «الدروشة»، لكنها حالة من «الضمير الإنساني». وكما يقول الشاعر العراقي العظيم بدر شاكر السياب: «إن فقد الإنسان معنى أن يكون/ فكيف يمكن أن يكون؟». والحديث القدسي يقول: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا». ولنتذكر جميعا أن الظلم في الأرض ظلمات يوم القيامة. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الظلم مرتعه وخيم الظلم مرتعه وخيم



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca