ميقاتي: صعوبة الرحيل واستحالة البقاء!

الدار البيضاء اليوم  -

ميقاتي صعوبة الرحيل واستحالة البقاء

عماد الدين أديب

تذكرت مسرحية كوميدية شهيرة بمصر في الستينات، كان بطلها الواقع تحت ضغوط شديدة يردد طوال فصول المسرحية عبارة واحدة متكررة تقول: «ما أقدرش أقعد وما أقدرش أمشي»! والمتأمل للعبارة سوف يكتشف صعوبة الوضع الدقيق الذي يعانيه البعض من ناحية الضغوط المزدوجة. أسهل الحلول تجاه أي ضغط إما أن تواجهه أو أن تستجيب له. هذه الحالة الدرامية، هي بالضبط، ما يعاني منه نجيب ميقاتي رئيس وزراء لبنان الذي يضع استقالته تحت تصرف رئيس الدولة اللبنانية. الحاج نجيب، رجل دمث، خلوق، صبور، اشتهر بالقدرة الطرابلسية المعروفة لدى أهل شمال لبنان من كبار التجار والصناعيين وتجار الحلوى الشهيرة «بحلو الكلام». لا يمكن لك أن تخرج من مقابلة مع الحاج نجيب إلا كلمات الترحيب سبقتك والوعود بحل المشاكل ترافقك عند المغادرة. وعرف الحاج نجيب بأنه صديق للنظام السوري من النوع «اللايت» أي الخفيف، أي أنه صديق للنظام ولكن ليس عميلا له. وقد نجحت هذه الصيغة في ظروف انتقالية حادة مرت بلبنان في السنوات الأخيرة، خاصة عقب اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وأصبحت سوريا مرفوضة من تيارات شعبية عديدة ومقبولة من ائتلاف عون - حزب الله. واعتقد البعض في دمشق وبيروت أن صيغة «الصديق اللايت» في مقعد رئاسة الوزراء هي الحل، فالحاج نجيب من 14 آذار سابقا، ومن الشمال السني القريب من سوريا، وعلى علاقة حوار بالعديد من الفرقاء، وقادر على التعامل مع رئيس الدولة ورئيس البرلمان. صمدت هذه الصيغة عدة أشهر لكنها لم تحقق ما كانت تحلم به بعض العناصر في دمشق وبيروت، لأن البلد منقسم بشكل حاد رأسيا وأفقيا. هنا كانت لعبة رئاسة حكومة الحاج نجيب شديدة الصعوبة وأول شروطها أنها خالية من المعارضة وغير مأمونة الجانب من الموالاة. إنها لعبة خطرة يضطر فيها رئيس الوزراء في لبنان السير على خيط مشدود فوق فوهة بركان من الطائفية الحارقة. إنها لعبة محاولة أرضاء من لن يرضى والتوفيق بين من لا يمكن التوفيق بينهم. لم يستطع ميقاتي أن يرضي السنة ولا الشيعة، ولا أن يرضي 8 آذار أو 14 آذار، ولم يرض أهل طرابلس - مسقط رأسه - ولا أن يرضي أهل بيروت. لذلك كله لا يستطيع الحاج نجيب أن يبقى، لأنه لم يرض هؤلاء، ولا يستطيع أن يرحل على الفور لأنهم لم يعدوا له البديل المناسب بعد. هنا أعود وأتذكر عبارة المسرحية الكوميدية «ما أقدرش أقعد.. وما أقدرش أمشي». نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميقاتي صعوبة الرحيل واستحالة البقاء ميقاتي صعوبة الرحيل واستحالة البقاء



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca