قطر واستراتيجية: «وداونى بالتى هى الخطأ»

الدار البيضاء اليوم  -

قطر واستراتيجية «وداونى بالتى هى الخطأ»

بقلم - عماد الدين أديب

أشعر بالشفقة الممزوجة بالحزن الشديد على «العقل الذى يخطط للقرارات الاستراتيجية فى قطر».

يصححون الخطأ الصغير بخطأ فادح، ويداوون الجرح البسيط بجرح أعمق، ويحاولون إصلاح التكتيك الأحمق باستراتيجية أكثر حماقة وخطورة.

آخر هذه القرارات ما تسرب عن السعى القطرى لدفع أعلى سعر ممكن لشراء صفقة صواريخ «إس 400» الروسية من موسكو، حسب تأكيد رئيس لجنة الأمن فى البرلمان الروسى.

وأكدت صحيفة «لوموند» الفرنسية وثيقة الصلة بقصر الإليزيه أن الملك سلمان بن عبدالعزيز أرسل تحذيراً صريحاً لقطر عبر الرئيس الفرنسى ماكرون الذى ترتبط بلاده بمصالح وعلاقات قوية بالدوحة بـ«أن الرياض تقف ضد هذه الصفقة، وأنها تحذّر الدوحة بأنها قد تصل إلى مرحلة العمل العسكرى ضد هذه الصواريخ فى حال وصولها إلى قطر».

وتعتبر صواريخ «إس 400» من أهم وأفضل ما أنتجته ترسانة السلاح الروسى، وهى تنتمى إلى فصيلة «إس 300» الشهيرة.

والـ«إس 400» هى صواريخ دفاع جوى متقدمة، لديها ثلاثة أنواع تختلف فى المدى، أصغرها 120كم، والمتوسط 250كم أما أطول مدى فيصل إلى 400كم، وهو ما يُهدد الأمن القومى السعودى، لأنه يتداخل فى مداه مع طلعات السلاح الجوى السعودى، وهى داخل الأراضى والمجال الجوى السعودى.

ولم تكتفِ قطر بأن لديها أكبر قاعدة أمريكية خارجية فى العالم على أراضيها مزودة بأفضل تسليح وقرابة 15 ألف جندى وضابط و6 ممرات جوية متطورة، ولم تكتفِ باتفاقيات أمن مع فرنسا والولايات المتحدة وإيران، ولم تكتف بوجود أمنى داخلى لحفظ النظام من قوات تركية تُقدر بـ5 آلاف مقاتل وأمنى رفيع المستوى، بل تسعى إلى تصعيد إضافى.

وتعلم قطر أن هناك طلباً أمريكياً ملحاً لحضور قمة أمريكية - خليجية خلال شهر سبتمبر المقبل فى الولايات المتحدة بهدف تسوية موضوع الخلاف القطرى - الخليجى.

وتعلم قطر أن الرئيس دونالد ترامب مهتم شخصياً بإحراز نجاح فى هذه التسوية.

ويبدو أن «العقل المفكر» فى قطر قرر أن يذهب إلى واشنطن مزوداً بصواريخ «إس 400»، معتقداً أنه قادر على اللعب عسكرياً على السعودية ومصر والإمارات.

وتجاهل ذلك المخطط الاستراتيجى العظيم القابع فى الدوحة المعلومة المؤكدة أن السلاح الجوى للمملكة العربية السعودية وحدها ثالث أقوى قوة جوية فى العالم من ناحية نوعية التسليح وحجم الإنفاق السنوى العسكرى عليه، وهى الأكثر تأثيراً فى آسيا بعد الصين والهند وباكستان.

ويبدو أن من يحكم فى قطر لا يعرف حقيقة قوة وتماسك وثبات القيادة السعودية، ممثلة فى الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، الذى يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع.

فى هذا العهد السعودى لا يجب «المزاح» أو التلاعب «بالألفاظ»، أو لعب لعبة التهديد الحدودى، أو محاولة الابتزاز السياسى من خلال صفقات تسليح أو التملص من التزامات مطلوبة، من خلال توجيه الأنظار إلى أولويات أخرى.

إن قانون الفعل ورد الفعل عند القيادة السعودية محسوم وسريع وواضح بشكل عام فى جميع القضايا وتزداد قوة الرد والردع إذا كان الملف المطروح يتعلق بالأمن القومى للبلاد والعباد.

والمتتبع الفاهم والمتعمّق لحركة ولى العهد السعودى، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، سوف يرى أن المملكة السعودية انتقلت استراتيجياً من المساندة إلى المواجهة، ومن الاقتصار على الفعل الدبلوماسى إلى العمل العسكرى، ومن التمويل إلى القتال.

التغيير فى القيادة السعودية، أى الملك وولى العهد، ليس تغييراً فى حكام يحكمون بنفس قواعد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، لكنه تغيير صريح وواضح يدل على أن هناك فى الرياض لاعباً جديداً «لا يلعب» ولأول مرة منذ عام 1953 يلعب بقواعد جديدة تماماً، وأنه ليس لاعباً جديداً للعب بقواعد اللعبة القديمة.

من لا يفهم أن هناك قواعد جديدة حاكمة لقانون الفعل ورد الفعل فى السعودية سوف يقع فى كارثة الخطأ الاستراتيجى القاتل، مثلما تفعل قطر الآن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر واستراتيجية «وداونى بالتى هى الخطأ» قطر واستراتيجية «وداونى بالتى هى الخطأ»



GMT 00:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الأوروبي ... أوهام ديغولية

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

GMT 04:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اليمن بين الإنسانية والسياسة

GMT 11:28 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن الإقليمى و«مصالح أهل المنطقة»

GMT 09:07 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محاولة لفهم «ترامب»

GMT 05:00 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

أفكار عملية بسيطة لتنسيق حديقة منزلك في صيف 2018

GMT 05:38 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"ماتشو بيتشو" مدينة ألانكا لغز وعظمة طاغية

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 01:19 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

د. باسم هنري يُبشّر بعلاج للإنزلاق الغضروفي

GMT 18:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 07:12 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

جهزي طعامك بنفسك في مطعم " Dinning Club" في لندن
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca