قطر.. ظالمة أم مظلومة؟ (3)

الدار البيضاء اليوم  -

قطر ظالمة أم مظلومة 3

بقلم - عماد الدين أديب

«قطر مرشحة لتكون إسرائيل الخليج العربى».. هكذا وصفها البروفيسور الأمريكى «آلان درشوتز»، الأستاذ بجامعة هارفارد، الذى يعمل مستشاراً للإدارة القطرية فى الولايات المتحدة الأمريكية.

دور «إسرائيل الخليج» يتعارض مع دور «عضو فى مجلس التعاون الخليجى العربى».

هذا التناقض الجوهرى، وليس الثانوى، يجعل حالة الاستقطاب عند الدوحة حادة للغاية إذا ما جاءت أزمة إقليمية تضطرها للخيار الواضح بين الخيار الخليجى العربى أو الخيار الإسرائيلى الصهيونى.

من هنا يمكن فهم أن كل خطوط الإدارة والأجهزة فى الدوحة تتم وفق 3 معايير جوهرية:

1- عدم التناقض مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

2- توظيف كل خيوط الاتصالات مع القوى المعادية للمصالح الأمريكية -مؤقتاً- مثل إيران، تركيا، حماس، طالبان، داعش، الحشد الشعبى العراقى، بوكو حرام، من أجل التأثير الإيجابى عليها لمصلحة واشنطن وتل أبيب.

3- أن كل هذه الاتصالات والمواقف التى تبدو متشددة، وكل التصريحات التى تصدر من وسائل إعلامية تابعة مباشرة أو ممولة بالكامل أو جزئياً من الدوحة هى «بالتفاهم والتنسيق المسبق» مع الحلفاء الأمريكان والإسرائيليين بهدف خلق رصيد من المصداقية لدى تيارين شعبويين فى العالم العربى وهما «تيار الإسلام السياسى والتيار القومى العربى».

وقد يقول قائل مُوالٍ للاتجاه والمصالح القطرية «ألا توجد لدى الرياض وأبوظبى مصالح أمريكية؟ وألا تسعيان إلى سلام عربى- إسرائيلى؟ وبالتالى يصبح السؤال: إذن لماذا تلومون قطر؟ وما هو الفارق بين موقف الدوحة وموقف الرياض وأبوظبى من تلك المسألة؟».

الإجابة واضحة ومباشرة ويمكن تحديدها بصراحة دون التباس على النحو التالى:

1- أن كلاً من ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، وولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد، يؤمنان إيماناً راسخاً بأهمية العلاقات الاستراتيجية بين بلديهما والولايات المتحدة الأمريكية بوصفها شريكاً استراتيجياً تاريخياً وأقوى دولة فى العالم ودولة لا يمكن تجاهل وزنها النسبى فى سياسة وأمن واقتصاد العالم.

2- ويؤمن كل من الأمير محمد والشيخ محمد بالتعاون العسكرى والتنسيق الأمنى مع واشنطن.

لكن.. هذا يختلف تماماً عن جوهر التعاون القطرى مع واشنطن.

الأمير محمد والشيخ محمد يؤمنان «بالشراكة والتعاون» مع الولايات المتحدة الأمريكية، و«ليس بالعمالة معها».

الأمير محمد والشيخ محمد يؤمنان بالتعاون العسكرى والتنسيق الأمنى مع واشنطن بما يخدم مصالح بلديهما وليس من قبيل تأجير أراضى الوطن كى تتصرف فيها القوات الأمريكية كما تشاء وقتما تشاء كما هو حادث فى اتفاق «قاعدة العديد».

باختصار ومباشرة تامة، هناك هوة لا نهائية بين التعاون والانصياع الكامل لإرادة قوى عظمى.

وحتى لا يكون هذا مجرد دفاع عاطفى بلا دلائل ارجع للتاريخ:

1- قيام الملك فهد بن عبدالعزيز بطرد السفير الأمريكى من ديوانه حينما اعترض الأخير على صفقة السعودية مع الصين لشراء صواريخ صينية.

2- قيام الإمارات بشراء أسلحة من دول متعددة خارج المصالح الأمريكية من روسيا إلى الصين وتوقيعها اتفاقيات تعاون مع الهند وفرنسا.

3- الزيارات المتعددة للمسئولين السعوديين والإماراتيين لموسكو والتعاون العسكرى معها.

4- حجم العلاقات التجارية بين أبوظبى والرياض وجمهورية الصين الشعبية.

5- وقوف الرياض وأبوظبى بقوة وحسم قاطعين ضد واشنطن، وضد الرئيس باراك أوباما فى مسألة موقف الولايات المتحدة من ثورة 2013 فى مصر وإنهاء حكم جماعة الإخوان.

وسوف يذكر التاريخ أنه فى الوقت الذى عرّضت فيه كل من الرياض وأبوظبى مصالحهما الاستراتيجية مع واشنطن للخطر عند هذه الأزمة كانت الدوحة وأنقرة -فى الوقت ذاته- تضغطان بكل قوة على البيت الأبيض لإدانة ثورة 2013 فى مصر، والعمل على عودة حكم الإخوان لمصر.

6- موقف الرياض وأبوظبى من ضرورة الاستمرار فى استعادة الشرعية فى اليمن بالمخالفة مع الموقف الأمريكى.

7- موقف الرياض وأبوظبى والقاهرة وعمان من عدم المشاركة فى الترويج والتسويق لما يعرف بـ«صفقة القرن» إذا كانت لن تؤدى إلى مشروع الدولتين.

إذن، نحن لا نتحدث عن اختلال أو اختلاف فى المزاج السياسى لمن يحكم فى الدوحة تجاه أشقائه العرب، لكننا نتحدث عن خيار صريح وواضح من قطر فى مسائل خلافية جوهرية انفجرت بشدة فى وجه صانعيها حينما أصبحت الخيارات ضرورة لا بديل عنها، وأصبحت صيغة قطر فى الإمساك بالعصى من كل الاتجاهات مستحيلة تماماً ونهائياً.

من أجل ذلك يمكن تفسير الموقف القطرى الحالى على أنه موقف خلاف استراتيجى جوهرى مع القاهرة والرياض وأبوظبى والمنامة، وأن مجمل العمل الدؤوب للسياسة القطرية الآن هو الإضرار بمصالح هذه الدول من أجل إسقاط زعاماتها.

«العدو اليوم» بمفهوم الأمن القومى القطرى موجود فى الرياض وأبوظبى والقاهرة.

والأعداء الآن ليسوا فى إيران أو تركيا أو إسرائيل.

والأعداء من الزعامات الآن ليسوا أردوغان أو خامنئى أو نتنياهو لكنهم عبدالفتاح السيسى ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد.

مما سبق بالأمس واليوم يمكن أن نفهم غداً ماذا تفعل قطر اليوم وغداً وبعد غد؟!

«غداً بإذن الله البقية»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر ظالمة أم مظلومة 3 قطر ظالمة أم مظلومة 3



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca