فواتير باهظة للانسحاب الأمريكى

الدار البيضاء اليوم  -

فواتير باهظة للانسحاب الأمريكى

بقلم : عماد الدين أديب

واشنطن تتصرف -واقعياً- دون اعتراف علنى، على أنها انهزمت فى الشرق الأوسط، بينما تتصرّف روسيا وإيران على أنهما فعلياً انتصرتا ولا تخفيان ذلك علناً.

المهزوم طواعية أو رغماً عنه يعترف بشروط الهزيمة، لذلك يجمع قواته ونفوذه وينسحب، والمنتصر يمسك أكثر بمفاصل الأمور فى المنطقة، ويسعى لفرض شروط المنتصر وتحصيل فواتير الفوز، وتحميل أعدائه ثمناً فادحاً لخسارتهم.

الشرق الأوسط فى الفهم السياسى والعقل البراجماتى عند دونالد ترامب هو:

1 - خسارة 7 تريليونات دولار فى العراق، وإيران، وأفغانستان، وسوريا وحرب داعش والقاعدة.

2 - رهان على حلفاء ليست لديهم القدرة الآن على استمرار تمويل فاتورة الوجود العسكرى الأمريكى الدائم فى المنطقة.

3 - منطقة قررت أن تستمر فى صراعاتها الداخلية والإقليمية وتسعى لتوريط الكبار، لذلك -حسب رؤية ترامب- «دع غيرى يتورط، أما أنا فالأفضل أن أنجو بنفسى من هذا المستنفع المكلف مادياً وبشرياً».

يدرك ترامب الحقائق المؤلمة التالية:

1 - الروس والإيرانيون وأنصارهما فازوا فى سوريا.

2 - الرئيس بشار الأسد وجيشه ونظامه مستمرون فى الحكم.

3 - الشيعة السياسية هى القوى المرجحة للاستقرار فى العراق، وبغداد تقع -تماماً- تحت نفوذ الحرس الثورى الإيرانى.

4 - الحوثيون، من خلال الدعم الإيرانى، هم قوة لا يستهان بها، ولا أمل فى الحل السياسى إلا بتقسيم اليمن إلى شمال «حوثى» وجنوب «سنى».

5 - المسألة الفلسطينية تعنى أن السلطة فى رام الله ضعيفة، وأن إسرائيل تراهن على علاقة مع «حماس» عبر قنوات قطرية - تركية، أى حركة جماعة الإخوان المسلمين.

6 - الاتفاق الذى تم فى الدوحة بين واشنطن من خلال مبعوثها زلماى خليل زادة، وجماعته حركة طالبان، يقول فى مسودته ما يعنى صراحة تسليم البلاد إلى طالبان، عقب انسحاب أمريكى كامل ونهائى فى 18 شهراً.

باع ترامب الجميع، حلفاءه فى سوريا واليمن ولبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان والخليج، ولم يبقِ إلا على حليف واحد لم يخنه، وهو الحليف الإسرائيلى، الذى عاد من أجله وقام بتأجيل انسحابه من سوريا لحين ترتيب تل أبيب الأوضاع الأمنية على ساحات القتال السورية.

الشرق الأوسط بالنسبة لترامب مشروع فاشل ومكلف ومرهق مادياً، لذلك تعامل معه كما يتعامل مع أى فرع غير رابح من فروع شركاته، لذلك قام بالإغلاق الفورى والسريع بهدف «أوقف نزيف خسائرك وانفد بجلدك»!

هذا الفهم المادى البحت المنزوع منه أى فهم استراتيجى، أو أى رؤية سياسية لتوازنات العالم، أو لطبيعة الدور العالمى الذى تتحمله وتلتزم به واشنطن، أصاب أقرب حلفاء واشنطن، وأقرب مساعدى ترامب فى البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات والخارجية والدفاع والكونجرس بإحباط شديد.

لذلك يجب ألا نقع فى شرك أوهام «الدور الأمريكى» الضامن للاستقرار وللتوازن فى المنطقة.

باختصار، لقد قام ترامب بتسليم مفاتيح عقارات الشرق الأوسط -طواعية- لروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل، وحلفائها، وترك حلفاء واشنطن التقليديين دون سابق إنذار يتحملون إعادة بناء شبكة أمان إقليمية إزاء تلك القوى، التى تسعى الآن لتحصيل فاتورة الانتصار وتحميلهم فاتورة هزائم الأمريكيين!

ويا لها من فواتير آتية لا ريب فيها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فواتير باهظة للانسحاب الأمريكى فواتير باهظة للانسحاب الأمريكى



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca