أخر الأخبار

ارحموا سعد الحريرى

الدار البيضاء اليوم  -

ارحموا سعد الحريرى

بقلم : عماد الدين أديب

كل الساسة، كل القوى، وكل الأحزاب، تريد قطعة كبيرة من قرارات رئيس الوزراء اللبنانى المكلف سعد الحريرى، ولا أحد يريد فى المقابل أن يعطيه شيئاً.

منذ أسابيع انتهت الانتخابات البرلمانية التى أقيمت على النظام النسبى ذى الصوت التفصيلى، وهو نظام معقد تم «تفصيله تفصيلاً على قياس وذوق ومصالح معارضى الحريرى وأنصاره».

شارك فى الانتخابات البرلمانية مليون وثمانمائة وواحد وستون ألفاً ومائتان وثلاثة ناخبين، بما يساوى 49٫68٪ ممن لهم حق الاقتراع.

تم تشكيل هيئة رئاسة البرلمان، وفاز الأستاذ نبيه برى بنسبة 98 صوتاً من 128 نائباً، وبعدها تمت المشاورات النيابية فى قصر بعبدا الرئاسى، وحصل سعد رفيق الحريرى على 111 صوتاً من 128 لتأليف الوزارة.

ومنذ تلك اللحظة ظهرت 4 تعقيدات داخلية وخارجية، ظاهرة وخفية:

العقدة الأولى: أن كل طرف، وأعنى بذلك كل طرف من القوى السياسية، قرأ نتائج الانتخابات البرلمانية على أنه وحده، دون سواه، هو الفائز الأكبر.

العقدة الثانية: وتلك مبنية وقائمة على العقدة الأولى، أن كل طرف يريد حصة الأسد من التشكيل الحكومى لنفسه ولرجاله، ولتذهب البقية الباقية إلى الجحيم.

العقدة الثالثة: التأثير السلبى المتوقع للنظام الانتخابى النسبى ذى الصوت التفصيلى الذى يؤدى بالضرورة إلى أن يقتل «قابيل» السياسى شقيقه «هابيل» الحزبى.

وظهر نتيجة ذلك 3 تعقيدات وانشقاقات:

1- انشقاق سنى - سنى.

2- انشقاق مسيحى - مسيحى.

3- انشقاق درزى - درزى.

وأصبحت معضلة الانشقاق داخل كل تيار أزمة إضافية وعبئاً إضافياً على كاهل سعد الحريرى وهو يسعى لتشكيل حكومته.

العقدة الرابعة: وهى العقدة الخفية أو السر المعلن الذى يعرفه 7 مليارات مواطن ولا يتحدثون علناً عنه، هو تداعيات الوضع الدولى والإقليمى على لبنان.

1- انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى الإيرانى.

2- شعور إيران بخطر سحب البساط من تحت قدميها فى العراق وسوريا واليمن وبالتالى لبنان.

3- الإصرار الدولى (روسيا، الولايات المتحدة، إسرائيل، فرنسا، ألمانيا) على خروج إيران والحشد الشعبى وحزب الله من سوريا.

4- استخدام الوضع الداخلى فى لبنان كورقة مقايضة وتبادل منافع حينما تأتى لحظة التفاوض التاريخى بين طهران وواشنطن حول «تسوية ما فى المنطقة».

هكذا يستيقظ سعد الحريرى كل صباح وهو يتابع عدة ضغوطات ورغبات متناقضة المصالح، شديدة الاختلاف:

- فرنسا تريد تسوية فيها وجود لحزب الله، ولكن بشكل محجَّم وفيه احتواء.

- الولايات المتحدة تريد ضرب إيران عبر قناة حزب الله.

- السعودية تريد ممارسة صراعها الإقليمى عبر مواجهة حزب الله فى العراق وسوريا ولبنان مقابل الدور الإيرانى الداعم للحوثيين فى اليمن.

- روسيا تريد حكومة تضمن لها تأمين حدود لبنان مع سوريا وبقاء حزب الله فى لبنان بعيداً عن سوريا، وتأمين مصالح شركات الغاز الروسية فى مشروعات استكشاف الغاز اللبنانى.

- أما أوروبا، بقيادة ألمانيا، فتسعى إلى لملمة الوضع من خلال تسوية تعيد لـ20 شركة أوروبية إمكانية رفع العقوبات عن إيران والاستفادة من إعادة إعمار الاقتصاد والبنية التحتية الإيرانية وعدم حرمان هذه الشركات من «الزبون» الإيرانى.

- قطر تريد أن يشتعل الوضع بين معسكرَى السعودية والإمارات من ناحية، وإيران من ناحية أخرى، فى جبهات سوريا والعراق ولبنان.

يضاف لذلك كله إشكالية حسابية، وهى أنه بعلم الحساب، وليس بأى علم آخر، فإن هناك استحالة نسبية أن يستطيع سعد الحريرى، أو حتى أعظم «ساحر سياسى» فى العالم، تحقيق أحلام ومطالب كل حزب وطائفة فى لبنان بإعطائها الحقائب الوزارية التى تريد إلا فى حالة واحدة فقط، أن يحول حكومة الـ32 وزيراً إلى حكومة 128 وزيراً، أى حقيبة وزارية لكل نائب، وأن يوسع عدد الحقائب السيادية من 4 إلى 12، حيث يستمتع الجميع بما كان يحلم به.

يدخل سعد الحريرى هذا «الابتلاء السياسى» بعقل متفتح، وشفافية مطلقة، دون مجاملات وبصبر غير محدود للتوفيق بين: رغبات مستحيلة، وأحلام جنونية، وقراءات خاطئة ومتغطرسة لنتائج الانتخابات فى ظل أكبر عملية ابتزاز سياسى ممكنة.

يدخل سعد الحريرى هذه المعركة التى تُعد أكثر شراسة من معركة الانتخابات ذاتها أمام احتمالين، إما بشكل الحكومة المحترمة القائمة على التوافق والمنطق والاحتواء والمصلحة الوطنية، أو يذهب إلى منطقة «خاويا» الجبلية للتزلج على الجليد والاعتذار عن التشكيل، ولتبحث القوى السياسية، وقتها، عن «ساحر سياسى» قادر على إرضاء الجميع وتلبية كل الطلبات المستحيلة مهما كان الثمن.

كل ذلك يتم وهناك 12 مليار دولار قابعة فى خزائن المجتمع الدولى لدعم الاقتصاد اللبنانى بانتظار تشكيل حكومة إنقاذ «إصلاح لاقتصاد مأزوم ومهدد».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارحموا سعد الحريرى ارحموا سعد الحريرى



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 19:03 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

عبد الكبير الوادي يصدم الرجاء برفضه لتجديد العقد

GMT 10:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

زيادة معدلات الطلاق في مصر إلى 170 ألف حالة سنويًا

GMT 19:23 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب فيديو يوثق لممارسة تلميذ الجنس مع تاجر في كلميم

GMT 14:04 2015 الأحد ,12 إبريل / نيسان

4 خلطات من حب العزيز للتسمين

GMT 07:53 2015 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

برمجة مسلسل "مقطوع من شجرة" للموسم الثاني على التوالي

GMT 19:33 2013 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

8 نصائح مفيدة لتصمم غرفة مشتركة عصرية

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 13:26 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

مكسيم خليل يكشف عن أمنياته للعام الجديد عبر "تويتر"

GMT 04:06 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

عصير البنجر يوسع الأوعية الدموية ولا يؤدي لتدفئة الجسم

GMT 23:47 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

توقيف أربعة أشخاص في تيزنيت بتهمة التزوير

GMT 18:17 2014 الإثنين ,21 تموز / يوليو

سلال الريحان تراث يتجدد في الريف السوري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca