من شب الفوضى في البصرة؟

الدار البيضاء اليوم  -

من شب الفوضى في البصرة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

أولاً نتساءل من هو المستفيد من تخريب الأمن في البصرة؟
رداً على دعاوى الإيرانيين فإنه ليس لدول الخليج، بما فيها السعودية، مصلحة. عدا أنها محافظة مجاورة حدودياً، وأمنها من أمن الخليج مباشرة، أيضاً محافظة البصرة منطقة نفطية وفي حال عطلت الفوضى إنتاجها سترتفع الأسعار وهو ضد سياسة هذه الدول التي تسعى لتثبيت السعر. وكذلك الأميركيون متضررون في حال تسببت الفوضى في رفع أسعار النفط، لأن اقتصادهم سيدفع الثمن. المشتبه به الوحيد هو الحكومة الإيرانية، فهي تعلن صراحة بأنها تريد للأسعار أن تصعد بشكل قياسي، وأن تعم الفوضى أسواق النفط العالمية. إيران ترى في ارتفاع الأسعار سلاحاً للضغط فيضطر الغرب للسماح لها بالتصدير، والتفاوض معها وفق شروطها. أيضاً، في الشهر الماضي كانت الشركات البترولية العراقية الرسمية قد وقعت عقداً كبيراً مع شركة شيفرون الأميركية لتطوير حقول النفط في المحافظة مما أغضب طهران.
ولولا أن الجميع منشغل بإدلب، ومعركتها الكبيرة في سوريا، وإلا لاحتلت البصرة اهتمام العالم. 12 من أهالي المدينة قتلوا لأنهم احتجوا على أوضاع المياه، الشح والتلوث. واحتجاجات أهاليها في حد ذاتها انفجار طبيعي، لأنهم منذ سنوات يشتكون من الفوضى وانتشار الميليشيات والعنف والبطالة والآن المياه التي لم تعد تصلح حتى للحيوانات لأنها مالحة، وفوق هذا معظم الصيف عاشه الناس في حرّ رهيب نتيجة انقطاعات الكهرباء. وجاءت نتيجته الاحتجاجات الأخيرة، والتي عوملت بشكل شرس وسيئ، لتنقلب ضد الميليشيات العراقية المحسوبة على إيران، حيث حرق الأهالي مقاراً للأحزاب السياسية، واستهدفوا قنصلية إيران، التي تمثل للناس رمز كل شر في محافظتهم. فهم يعتقدون أن أزمة المياه نتيجة عملية سحب المياه المشتركة من الأهوار وعلى الحدود حتى صار شحيحاً وماؤها لا يصلح للاستخدام الآدمي. أما لماذا القنصلية الإيرانية، فلأن التواجد الإيراني الرسمي في البصرة منتشر بوضوح أكثر من بقية المناطق في العراق.
الماء المالح والملوث فجر مشاعر الناس المعروفة سلفاً ضد الأحزاب الدينية السياسية العراقية، وضد إيران. وليس جديداً أن تظهر مشاعر العداء نحو هذين القطبين وتحديداً في البصرة. فهي المدينة الثانية الأهم في العراق، وهي التي حملت هذه الأحزاب على أكتافها للحكم، وهي أكثر من وعد ومنى بمستقبل أفضل، لكن منذ خروج الأميركيين ووضع البصرة يسوء. فالماء قشة جبل من الشكاوى، إضافة إلى أن البصراويين في ضيق من ميليشيات إيران التي حولت المدينة إلى مزرعة لمصالحهم وحكموها بالحديد والنار. ولا ننسى أن البصرة، تنتهي فيها سهول الرافدين، كانت إلى فترة قريبة مصدر «الرز والدخن والحنطة» لكل المنطقة، والآن لا تستطيع أن تشرب من مياهها نتيجة التحويلات المائية.
والمياه، مثل بقية الخدمات السيئة، مشكلة في عموم العراق، لا البصرة وحدها، لكن لأن هذه المحافظة هي محفظة الحكومة المالية وميناؤها الوحيد، فقد أخافت الفوضى الحكومة التي تخشى أن تصبح مثل منطقة الهلال النفطي الليبية، التي جلبت الفوضى والحرب إلى كل ليبيا، وتقلق دول الجوار، وتحديداً الكويت والسعودية المحاذيتين.
وبعيداً عن التلاوم ورمي التهم فإن الحكومة العراقية، ونظام الحكم السياسي في بغداد، مطالب بأن يتحرك في محافظة البصرة ككل لتصبح خالية من الميليشيات والسلاح والتدخلات الإيرانية. ونعرف أن إيران ستقاوم محاولة إخراجها من البصرة، ومع هذه الفوضى والاحتجاجات فإن السلطات مضطرة لإنهاء الوضع القديم وتحويل المدينة والمحافظة إلى مركز يمد بغداد بالاستقرار وليس النفط وحده.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من شب الفوضى في البصرة من شب الفوضى في البصرة



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca