بعد سقوط يبرود لنتذكر الكويت!

الدار البيضاء اليوم  -

بعد سقوط يبرود لنتذكر الكويت

عبدالرحمن الراشد

بحسرة، اعترف أحد المقاتلين السوريين أنهم خسروا معركة يبرود بعد أسابيع من القتال، قال «لم يكن أمامنا، وبأسلحتنا البسيطة، أن نصمد أكثر مما فعلنا، فآلاف من قوات الأسد وحزب الله المجهزة كانت أكبر من قدرتنا». يبرود ربما ليست معركة حاسمة، كما أن القصير لم تكن قاصمة، لكنها مؤشر خطير على اتجاه رياح الحرب. لقد أشغلت «داعش» و«جبهة النصرة» قوات الجيش الحر المعارض، وجرّتها إلى معارك جانبية، في حين وحّد الإيرانيون القوى التي تحت إدارتهم للزحف على المدن، واحدة بعد أخرى. ومهم أن نضع الأمور في نصابها. سقوط يبرود علامة خطر يجب أن تضيء الأنوار الحمراء في مراكز القرار العربية، لأنها تعبر عن نجاح إيران التي تقود الحرب في سوريا. فهي لا ترسل السلاح فحسب، بل تمد النظام بالمقاتلين بعد تجنيدهم من كل مكان، بما في ذلك باكستان والعراق، إضافة إلى الآلاف من حزب الله اللبناني. علينا ألا ننظر إلى حرب سوريا على أنها مجرد مواجهة أخرى في المنطقة، بل هي الحرب الإقليمية الفاصلة، لهذا يستميت الإيرانيون من أجل أن يكسبوها. إذا كسبوا سوريا، يعني أنهم سيطروا عمليا على الشمال العربي، سوريا والعراق ولبنان، ويكون سهلا عليهم تعزيز جبهات مكملة، في اليمن والصومال، إضافة إلى أن نظام البشير في السودان لم يتوقف قط عن خدمة العمل العسكري الإيراني. أما عواقب هذا الانتصار الإيراني، فهي أخطر وأبعد من يبرود ودمشق، قد تقرر مصير المنطقة وخريطتها، وعلينا أن نعي تبعاتها المحتملة. فالقوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، عادة تعترف بالأمر الواقع وتنحني له. وعندما يسيطر الإيرانيون على رقعة واسعة من المنطقة العربية، ويهددون مناطق الطاقة وممراتها، حينها لن يكون هناك بد سوى الاعتراف بهم، والتعامل معهم على حساب الدول الأضعف والخاسرة. وهذا ما قاله الرئيس أوباما في حديثه الأخير عن إيران، إنها دولة كبرى لها طموحاتها، ذات رؤية استراتيجية، وفيه استعداد للقبول بالأمر الواقع، أو الواقع الجديد. السعودية واجهت تحديا مماثلا، عندما استولى صدام حسين على الكويت في عام 1990. كان هدفه فرض العراق كقوة مهيمنة على منطقة الخليج. ولا تظنوا أن إقناع الأميركيين بالانخراط في مقاتلته كان أمرا سهلا. فقد سعى صدام من خلال وسطاء عرب مقربين للغرب لإقناعه باستعداد العراق لضمان مطالب الغرب الإقليمية وحماية مصالحهم، وأن عليهم أن يتذكروا أنه حارب إيران نيابة عنهم. السعودية كانت أسرع وأكثر قدرة على الوصول إلى لندن وواشنطن، ووضعت كل مقدراتها لمواجهة الخطر العراقي وتحرير الكويت. نعم كلفت السعودية أكثر من مائة وعشرين مليار دولار آنذاك، والمخاطرة بمواجهة قوى أصولية وقومية معادية محليا وإقليميا.. مع هذا كانت المعركة ضرورية وتستحق الثمن السياسي والعسكري، لأنه لو جلس صدام في الكويت للأبد، وكان ذلك محتملا جدا، لأصبح الخليج كله تحت رحمته، ولو قاتلته المملكة وحيدة، لربما دامت الحرب عشر سنوات، كما حدث لصدام مع إيران في حرب السنوات الثماني التي أكلت الأخضر واليابس. نعم، سوريا أبعد قليلا من الكويت، إنما تبقى في محيط الصراع الإقليمي، وهي تشكل جزءا من الهلال العدواني الذي تحاول إيران بناءه، ويهدف أساسا للهيمنة على جنوبه. لا أحد يشك، رغم الثمن الغالي، أن نجدة الشعب السوري من المذبحة المروعة واجب أخلاقي، وعمل سياسي ضروري. وبكل أسف، الخسائر الأخيرة تهدد بتدهور سريع لصالح المحور الإيراني. أعرف أن السعودية وحدها اليوم تتحمل أكثر من سبعين في المائة من عمليات الإغاثة لملايين السوريين، وبنسبة أعلى تمول وتدعم القوى المسلحة. وهي تعاني بسبب حظر تسليح المعارضة بالأسلحة النوعية، لأن معظم الدول المشترية للسلاح ممنوع عليها بيعه أو تسليمه لطرف ثالث من دون موافقة المصدر الأصلي.. ورغم هذه الصعوبات يبقى ثمن عدم مواجهة حلف إيران أعظم من يبرود، فمصير المنطقة كلها في خطر. وبسقوط سوريا ستصبح المعركة مباشرة وأكثر كلفة. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد سقوط يبرود لنتذكر الكويت بعد سقوط يبرود لنتذكر الكويت



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca