هل تتحول بيروت إلى بغداد أخرى؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل تتحول بيروت إلى بغداد أخرى

عبد الرحمن الراشد

لم يعد أحد يحصي أعداد ضحايا الجرائم السياسية تقريبا كل يوم في العراق، متزامنة ومتعددة وفي كل مكان، من أسواق إلى مساجد وأحياء سكنية، في موجة التفجيرات الجديدة التي تشهدها البلاد منذ عام. الخشية أن هذا الوباء يمكن أن ينتقل إلى بيروت، التي هزها تفجيران انتحاريان دفعة واحدة استهدفا السفارة الإيرانية. ومن الواضح أنهما جزء من تداعيات الحرب السورية، والمخاوف حقيقية من أن ينفجر هذا البلد الصغير المزدحم، نتيجة العبث واستعراض القوة من الأطراف المتصارعة. فالتحارب في لبنان لن يحسم شيئا في سوريا، تأثيره عليه يكاد يكون صفرا. في نفس الوقت، الإرهاب عملة رخيصة في المنطقة، بوجود جيش من شباب انتحاريين، ومتفجرات، وسيارات مسروقة. الإرهاب لا يكلف الفاعلين الكثير، ومعظم ضحاياه من لا علاقة لهم بالصراع. السيارات الانتحارية مجرد رسائل تهديد وانتقام عادة يرد عليها الطرف الآخر برسائل مماثلة ويدفع ثمنها غالبا مارة عابرون. بيروت نفسها ليست غريبة على الإرهاب، خاصة منذ عام 2005 فقد قتل على شوارعها وفي مبانيها عشرات الشخصيات، وراح معهم عشرات الأبرياء. الخشية أن الأزمة السورية ستنقل الصراع بقوة إلى التراب اللبناني، وما تفجيرات السفارة الإيرانية ومدينة طرابلس وقبلها الضاحية إلا حلقة من مسلسل طويل اسمه النزاع السوري. وهذه ليست حالة اغتيال الحريري، وبقية قيادات 14 آذار، عندما كانت إرهابا من طرف واحد، دفع المستهدفين إلى الاحتماء في فندق فينيسيا أو الرحيل إلى الخارج، بل صراع تتعمق جذوره، وتتسع دوائره. صراع سياسي في لباس سني شيعي، وصراع سوري سوري، وصراع حزب الله مع معارضي نظام الأسد، وإيراني إقليمي. وبيروت مدينة مفتوحة متعددة الثقافات والأديان ستتحول غدا إلى حواجز وثكنات عسكرية، وستنقل مناخ الرعب إلى بقية المدن اللبنانية. هل على لبنان أن يصبح مكانا لتصفية الخلافات؟ لن يستطيع حزب الله ولا الجماعات المتطرفة السنية في الشمال، وبقية الفرقاء الحلفاء، حسم معارك الإرهاب، الانتقام والانتقام المضاد. وسيجد الجميع أن الحل الوحيد هو تحييد لبنان من الصراع السوري الذي قد يطول ويصبح أكثر عنفا وقبحا. وبكل أسف لأن المجتمع الدولي ليس متحمسا لحسم الصراع في سوريا، فإن هذا البلد المضطرب الذي تتقاتل على ترابه كل القوى المحلية والدينية سيكون مصدرا مخيفا للفوضى في لبنان، الأرض الرخوة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تتحول بيروت إلى بغداد أخرى هل تتحول بيروت إلى بغداد أخرى



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca