هل هذا أوباما جديد؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل هذا أوباما جديد

عبد الرحمن الراشد

لم يقل إن ما حدث في مصر انقلاب، ولم يتخلَ عن إسقاط الأسد في سوريا، ولم يسكت عن تمدد روسيا في منطقة الشرق الأوسط، ولم يقل إنه سيحترم قرارات مجلس الأمن. خطاب باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قدم صورة مختلفة عن الرئيس الذي كان يفاخر بالانسحابات والتفرغ للشأن الداخلي الأميركي. في شأن الحكم بمصر سمعنا موقفا جديدا للرئيس أوباما، قال إن محمد مرسي فاز فعلا بشكل ديمقراطي عبر صناديق الانتخاب، لكنه لم يحكم وفق القواعد الديمقراطية. وبالتالي يكون بلغته هذه قد نزع عنه حصانة الشرعية التي طالما تذرعت بها الحكومة الأميركية منذ عزل مرسي لرفض الحكومة الانتقالية الحالية. ولا أدري إن كان الخطاب هو مانفستو جديدا للسياسة الأميركية. إن ما سمعناه مختلف عما عهدنا في سنوات حكم أوباما الذي حرص على أن يبدو رئيسا مختلفا عن أسلافه، لأن خطاب الجمعية العامة يعتبر مناسبة سنوية مهمة لكل حكومات العالم للتعبير عن سياستها ومواقفها، فإن أوباما فيه يوحي بأن سياسة الولايات المتحدة لن تتخلى عن مصالحها أمام روسيا وغيرها، ردا على قراءة كثير من السياسيين والمفكرين التي تقول إن أوباما قرر الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط، بعد تقلص اعتماد بلاده على نفط المنطقة، وقراره بالخروج من صراعاتها. لأول مرة نسمعه يتحدث عن أنه لن يتخلى عن حماية مصالح بلاده في المنطقة، وأن انخفاض واردات الولايات المتحدة من نفط الشرق الأوسط لا يجعل ذلك يقلل من تأثير المنطقة على أسعاره عالميا وعلى السوق الأميركية، وكرر التزامه بملاحقة الإرهاب. ولم يكتفِ بالتزامه حماية مصالح بلاده الحيوية، بل في إعلان غير متوقع منه، يذكّرنا بسلفه الرئيس جورج دبليو بوش، رفض أوباما الاعتراف بحدود مجلس الأمن في التدخل في النزاعات الدولية. قال إن ما فعله نظام الأسد بشعبه لا يمكن السكوت عنه، بغض النظر عن موقف مجلس الأمن. هذه سياسة جديدة يبدو أنها نتيجة إحباط أوباما من الموقف الروسي الذي أساء استخدام مجلس الأمن لحماية واحد من أكبر مجرمي الحرب في التاريخ المعاصر، وقد اكتشف أوباما أخيرا أن الإيمان بالقانون الدولي يتطلب فرض احترام هذا القانون. لقد عبث الروس بمجلس الأمن عندما اكتشفوا أن أوباما اختار عدم التدخل مهما كانت الأسباب. الجانب المقلق في خطابه وسياسته هو موقفه من إيران. يبدو أن أوباما مأخوذ بالرسائل الإيرانية من الرئيس الجديد روحاني الذي تقمص شخصية المحب للسلام، المستعد لمنح أوباما صفقة العمر سياسيا! الإيرانيون منذ عقد ونصف العقد لعبتهم كانت دائما الوقت. الإيرانيون يحتاجون إلى الوصول لمرحلة القدرة على إنتاج سلاح نووي فقط، وبعد ذلك تنتهي اللعبة. السؤال كم بقي من الوقت حتى يصلوا إلى «قدرة الإنتاج» هذه؟ عام، عامان، ثلاثة؟ روحاني يقول إنه يريد عاما من التفاوض للوصول إلى حل نووي، لماذا يريد كل هذا الوقت في شأن قُتل بحثا؟ لو كان الإيرانيون جادين لقدموا عرضا يمكن الاتفاق عليه خلال أسابيع، لكنها لعبة الساعة. هم يريدون أن يبلغوا اللحظة التي يعلنون فيها أنهم دولة نووية عسكريا، ولن يكون بعدها ممكنا قصف منشآتهم، أو شن أي شكل من الحروب على نظامهم مهما ارتكبوا من حروب أو هددوا جيرانهم أو العالم. إيران ليست الهند ولا باكستان، ولا حتى إسرائيل، نقول إنها تعرف حدود اللعب السياسي. يحكمها نظام متطرف عقائديا يعبر بشكل واضح منذ ثلاثين عاما عن طموحاته بالتوسع والهيمنة ومعاداة جيرانه والعالم. بوجه الرئيس روحاني الباسم وكلماته المعسولة، يرتكب أوباما خطأ غير قابل للإصلاح إن ترك الإيرانيين يعبثون به، سواء بشراء الوقت أو بتقديم وعد شرف رخيص يزعمون فيه أنهم لن يستخدموا سلاحهم النووي. نقلًا عن "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هذا أوباما جديد هل هذا أوباما جديد



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca