ازدراء للدين أو الرئيس؟!

الدار البيضاء اليوم  -

ازدراء للدين أو الرئيس

مصر اليوم

  باسم يوسف، التلفزيوني الساخر، يظهر فقط مرة واحدة في الأسبوع على قناة «سي بي سي» من القاهرة، لكن يبدو أن هذه المرة كانت كافية لتغضب الرئيس المصري محمد مرسي الذي جاء بعد ثورة عنوانها «حرية وكرامة»! لقد جعل مرسي الثورات محل سخرية الأنظمة الأخرى: «انظروا، الرجل مشغول بملاحقة الصحافيين ومحطات التلفزيون أكثر من مبارك.. أي ثورات هذه التي لا يحتمل قادتها برنامجا تلفزيونيا أسبوعيا؟». المفارقة أنه سبق للرئيس مرسي أن أفرط في وعوده، وتعهد مرات بأنه سيصون الحريات، واستعار في إحدى مقابلاته التلفزيونية قولا مأثورا للخليفة عمر بن الخطاب: «إن وجدتم فيّ اعوجاجا فقوموني»، فقام رجل فقال: «والله، يا عمر، لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا». قال الرئيس مرسي: «لو أخطأت فقوموني». ثم من عليهم في إحدى خطبه، بأن «فيه جورنال بيغلط فيّ وأنا لحد دلوقتي لسه ما قفلتوش»! لكن يبدو أن صبره نفد بدليل «أن بلاغات الرئيس ضد الإعلاميين بلغت في نصف عام، أربعة أضعاف ما شهدته الأعوام الثلاثون من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، و24 ضعفا لعدد القضايا التي شهدتها فترة الرئيس الأسبق أنور السادات»! وبات واضحا أن جلد الرئاسة المصرية رقيق لا يحتمل النقد، وهو ربما بصدد معارك طاحنة مقبلة! ومن باب التذاكي، اتهم يوسف بازدراء الإسلام والرئيس معا.. فهل ستصدق عامة الناس هذه الدعوى؟ الفارق هائل بين فيلم لا يعرض، أو كتاب لا يقرأ، وبرنامج شعبي يشاهده ملايين الناس. ربما أصبح يوسف أكثر شعبية من الرئيس نفسه، وحبسه أو منعه سيدمر شخصية هذا الرئيس، بما له من جاذبية، حيث يبدو مرسي للشخص العادي كالأب الطيب. باسم يوسف لم يزدرِ دينا، بل مارس ما عرف به المصريون من حب للسخرية من شخصيات مجتمعهم. استخدام الدين لإرهاب الخصوم، لن ينطلي على أحد ولن يوقف النقد، وحتى لو كمم مرسي الإعلام المصري فإنه لن يستطيع منع الناس من السخرية، الأمر الذي فشل فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك. فقد حاول في السنوات الماضية اللجوء إلى القضاء والتخويف والغرامات المالية والإغراءات المادية، وعجز وزراء إعلامه عن إسكات الكتاب والصحافيين. أخيرا، تفتقت لوزير الإعلام حينها فكرة، هي منافسة الإعلام المحلي بدلا من قمعه. الآن، بات الوضع أصعب بوجود وسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع سقف الحرية مع الثورة، حتى محطات التلفزيونات في مصر تجاوز عدد الجديد منها الست عشرة محطة بعد الثورة، نصفها محسوبة على جماعة الإخوان التي ينتمي مرسي إليها. لماذا يغضب وهو يملك مفاتيح كل قنوات الحكومة، ومعه محطات إخوانية وسلفية؟! السبب أن المعارضة أكثر غراء للإعلاميين من الحكومة، وهو الآن يجلس على كرسي مبارك، وفي قصره، ويستخدم قنواته التلفزيونية، ويفكر بنفس الطريقة؛ حبس الإعلاميين ومنع النقد عموما، وزاد على مبارك أنه قرن بينه وبين الإسلام! لم يبق مرسي شيئا للمتفرجين على الثورات للسخرية منها، لا شيء تغير منذ سقوط مبارك سوى مبارك آخر، اسمه مرسي! [email protected]   نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازدراء للدين أو الرئيس ازدراء للدين أو الرئيس



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca