المالكي ومحاصرة كردستان والأنبار

الدار البيضاء اليوم  -

المالكي ومحاصرة كردستان والأنبار

عبد الرحمن الراشد

«هناك معلومات استخباراتية عالية المستوى وصلت إلى الحكومة تتعلق بتنفيذ عمليات إرهابية ضد المتظاهرين»! لا بد أن تكون جاهلا بالجغرافيا السياسية لتصدق رواية المعلومة الاستخباراتية المزعومة هذه، التي أعلنها مصدر حكومي لم يسمِّ نفسه، مبررا إغلاق المنفذ الحدودي مع الأردن، وملحقا بأهل الأنبار أكبر الأذى. ولو كانت لحكومة المالكي ذرة من المصداقية ما شككنا في روايتها بإغلاق الطريق الحيوي إلى الأردن، لأن الإرهاب حقيقة وواقع أليم لا يزال يهدد العراق. فحكومة المالكي قررت قبل أيام معاقبة أهالي الأنبار، الإقليم الذي يموج بالغضب ضده، ويقود حركة المعارضة الشعبية في العراق. ولأن الحركة التجارية الكبيرة من وإلى الأردن هي مصدر رزق لكثيرين في الأنبار، والشريان الذي يربطها بالداخل والخارج، فبالتالي الإغلاق المفاجئ المتزامن مع انتفاضة الأنبار لا يعبر إلا عن قرار سياسي شخصي بمحاصرة الإقليم، هدفه معاقبة الأهالي جماعيا وإسكات معارضيه بالإلغاء والحصار الاقتصادي. ففي السابق، كانت حكومة المالكي ترسل الدعم، وتغمض عينيها أيضا عن الدعم الهائل من الآخرين إلى حكومة بشار الأسد، وتحرس الحدود بيقظة حتى تمنع أي تسلل أو تهريب لصالح الثوار. لكن بعد أن سقطت النقطة الحدودية مع سوريا، البوكمال، وسيطر الثوار السوريون على المنفذ من التراب السوري في شهر يوليو (تموز) الماضي، تغيرت سياسة حكومة بغداد، وقطعت الحركة. وهنا تظهر مشكلة وأهمية منطقة الأنبار، أكبر أقاليم العراق، الذي تمر به الخمسمائة كيلومتر الحدودية مع سوريا. سد المالكي المنفذ بجدار عالٍ، وطاردت قواته من حاول العبور، وبإغلاق الممر الاستراتيجي استطاع تعطيل مصالح تلك الجهة من الإقليم وإفقار أهلها العراقيين والسوريين من الجانب الآخر، بخلاف تركيا التي استمرت تسمح للمساعدات الدولية بأن تأتي من جانبها الحدودي للسوريين، وتسمح للاجئين وغيرهم بالخروج من نقاطها الحدودية المشتركة، دون أن تتخذ موقفا حيال من يسيطر على الحدود من الجانب السوري. حكومة المالكي أغلقت المنفذ وهمّشت تلك المنطقة إلا من قوات تلاحق اللاجئين السوريين المتسللين الفارين من جحيم قوات الأسد. وفعلها المالكي مع إقليم كردستان؛ فأرسل قوات من الناصرية في الصيف الماضي إلى منطقة الموصل تحت ذريعة حماية الحدود مع سوريا، وهو في الحقيقة يريد فتح منفذ لإرسال مساعدات لنظام الأسد، لكن الأكراد تصدوا لها ورفضوا سيطرته. وهو الآن أيضا يحاول معاقبة أكراد العراق، كما يحاول معاقبة أهل الأنبار. يريد منعهم من إنتاج بترولهم، وأعلن الاستنفار الأمني والعسكري مهددا بالمحاصرة والملاحقة. وتدنت العلاقة إلى أسوأ مراحلها بين المالكي وحكومة كردستان التي كانت أكبر معين له، فهي التي منحته أصوات نوابها في البرلمان، وبهم أصبح رئيسا للوزراء. تكتيك الإلغاء والحصار الذي تمارسه حكومة بغداد يأتي ضمن سياسة أوسع، هدفها تعزيز سلطات رئيس الوزراء الهائلة، وإخضاع معارضيه، ومعارضوه هم جميعا أهل شرعية، بعضهم من أحزاب منافسة، وبعضهم حلفاء له انقلب عليهم بسبب خلافات على المصالح والصلاحيات. المالكي يلعب لعبة أكبر من قدراته، بطرد كبار أركان الدولة، لأنه يريد السيطرة على كل مفاصل القرار في السلطات الثلاث. ويريد نفي أو سجن منافسيه من كبار السياسيين. والآن يستخدم أسلوب الحصار الاقتصادي على الأنبار وإغلاق الحدود مع الأردن، وإلغاء الحركة مع المنطقة المحاذية لسوريا التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد، وأكمل حربه الكبيرة بإعلانه كردستان منطقة متمردة، فللحق شركات البترول الدولية يهدد بمقاضاتها إن عملت في كردستان العراق، ويضع قواته على أتم الاستعداد على حدود الإقليم، وكانت آخر قوات وقفت هناك هي قوات صدام في أواخر الثمانينات! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المالكي ومحاصرة كردستان والأنبار المالكي ومحاصرة كردستان والأنبار



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca