الحب على الطريقة القطرية

الدار البيضاء اليوم  -

الحب على الطريقة القطرية

بقلم ـ عبد الرحمن الراشد

لم نعد نسمع كثيراً عن الخلاف مع قطر إلا من طرف واحد، ما يصدر عن مسؤولي الدوحة من مقابلات وتصريحات وإعلانات. أما خصومها فقد التفتوا إلى قضاياهم الأخرى، مثل إيران واليمن وعلاقاتهم الإقليمية والدولية، وهو ما أغضب الدوحة التي تريد أن تجعل خلافها مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين قضية حية تشغل الرأي العام الدولي. إنما الحق السيادي يجعل كل دولة في العالم حرة في أن تختار أصدقاءها، ولمن تفتح أسواقها. منع شركة الألبان «المراعي» السعودية من بيع منتجاتها في الدوحة، ووقف تداول أسهم شركات قطر في سوق الأسهم الإماراتية، وإغلاق الأجواء البحرينية أمام الطيران القطري مسألة تخص هذه الدول. فالولايات المتحدة قاطعت كوبا، وهي على مرمى حجر من ولاية فلوريدا، أقل من مائة ميل فقط، ولأكثر من خمسين عاماً. فما المشكلة إن عاملت هذه الدول قطر كما فعلت أميركا مع كوبا مع اختلاف الظروف، لأن قطر، بعكس كوبا الفقيرة، تملك من الدخل الهائل ما يكفي لإطعام سكان الهند بكل سهولة.

وفي سبيل إثارة انتباه الإعلام، كررت قطر رواية أنه كانت هناك نية لغزو قطر وتغيير أميرها وتنصيب بديل له. اتهامات راقت كل بلد زاره الوفد القطري وشكره على الدعم والمساندة، فادعى المسؤولون الإيرانيون في تصريح رسمي أن بلادهم منعت غزواً وشيكاً لقطر! وذهب القطريون وحكوا القصة نفسها في تركيا، فأعلن الأتراك أنهم من حال دون غزو الدوحة. وفي واشنطن، قال وزير الدفاع القطري إنه لولا الولايات المتحدة لكانت قوات سعودية وإماراتية دخلت بلاده. وقال أميركيون إنه تناهى إلى أسماعهم عن تحضيرات عسكرية ضد قطر. وطبعاً لا ننسى أن أول تصريح في هذا الصدد كان لسمو أمير الكويت الذي قال في واشنطن في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي: «نجحنا في وقف التدخل العسكري». ومن الواضح أن القطريين يروون القصة نفسها معدلة لتتناسب مع الحكومات التي يزورونها من أجل إشراكهم في الأزمة وإعطاء كل حكومة دور البطولة المزعومة. لم تكن هناك محاولات لغزو قطر ولا نية لذلك، وليس ذلك أدباً أو احتراماً لقيادة الدوحة، بل لأن هذه الحكومات تعرف مخاطر الغزو والتغيير بالقوة، وما غزو صدام للكويت ببعيد. في قطر أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، فمن يبلغ به التفكير في المغامرة وركوب المخاطرة. قطر دائماً هذا ديدنها، تضخيم كل قضية.

من المحتمل أنها تعمدت نشر شائعات لإقلاق راحة المسؤولين القطريين الذين يشعرون بالخوف أصلاً نتيجة أفعالهم العدائية ضد هذه الدول وسعيها الذي دام لعشرين عاماً في دعم أي تهديد خارجي وداخلي ضدها. وهذا لا يجعل السعودية والإمارات تفكر في الغزو لتأديب الدوحة، يكفيها أن تقاطعها، وتدير لها ظهرها، وتعيش دونها. مثل الأطفال الذين يبحثون عن الانتباه، المسؤولون في الدوحة لا يحتملون التجاهل والقطيعة، مع هذا عليهم أن يعتادوا عليها.

أخيراً نقول لقيادة قطر، التي تبدد أموالها وتحاول إقناع الدول الكبرى بالتدخل وإجراء مصالحة، عليها أن تفهم أن الحب ليس بالإكراه.

المصدر : جريدة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب على الطريقة القطرية الحب على الطريقة القطرية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca