جولة مكاسب في اليمن

الدار البيضاء اليوم  -

جولة مكاسب في اليمن

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

ارتفع مستوى حربِ اليمن في مأرب وشبوه ومطار صنعاء، وأصبحت مواقع في الحديدة هدفاً جديداً محتملاً بعد أن جعلها الحوثيون منطقة تصنيع ونشاط عسكري. في معارك الأيام العشرة الماضية، فرَّ الحوثيون من عدد من المديريات، أو من نصَّبوهم على هذه المناطق، وكانت خسائر الحوثيين البشرية والآلية كبيرة في هذه الجولة. فقدوا مناطق مهمة كانت تحت سيطرتهم منذ بداية الحرب، في الوقت الذي عجزت ميليشيات إيران عن التقدم نحو مدينة مأرب التي تحاصرها منذ مطلع العام الماضي، طامعة في الوصول إلى مناطق البترول.
ومع الضغط الذي تواجهه ميليشيات إيران في اليمن من الجو وعلى الأرض اتجهت بنشاطاتها إلى البحر. فقد صعد مسلحون جاءوا على قوارب حوثية إلى سفينة «روابي» الإماراتية، قبالة ميناء الحديدة في المياه الدولية، في تهديدٍ جديدٍ وخطيرٍ للملاحة البحرية في البحر الأحمر، ودق نواقيس الخطر في الأمم المتحدة، وأصدر عدد من الدول تصريحات تندد بالقرصنة وفشلت رواية الحوثيين بأنَّها استولت على شحنات أسلحة كانت تبرر من خلالها خطف السفينة.
في الوقت نفسه قدمت دفاعات التحالف عرضاً كبيراً في السماء واستهدفت مخازن الحوثيين ومواقع إطلاق الصواريخ والدرونز ومخابئها السرية، وذلك على مدى أسابيع. وعلى مستوى آخر تضاعفت، أيضاً، هجمات ميليشيات الحوثي باتجاه الداخل السعودي، التي أطلقت مئات طائرات الدرونز والصواريخ الباليستية، تمَّ اعتراضها في الأجواء وتدميرها، ولم تفلح في تدمير المواقع السعودية التي استهدفتها.
لماذا، فجأة، انقلبت موازين القوى في ساحة المعركة داخل اليمن، وتحديداً في شبوه ومأرب ومحيطها؟ بعض الحوثيين يلوم إيران على خسائرهم، ويربطها بمساومات مفاوضات فيينا، التي تشترط إنهاء تدخلات الإيرانيين الإقليمية، وهناك من يرى أن ارتفاع مستوى القتال نتيجة طبيعية لنهاية الهدنة التي التزمت بها دول التحالف وانتهت بعد رفض الحوثيين التفاوض على حل سلمي. والتفسير الأقرب للواقع، أن اليمنيين مع التحالف يعيشون أفضل مراحل التعاون العسكري والعمل المشترك. ما كان لقوات العمالقة طرد الحوثيين من دون سلاح جو التحالف الذي قضى على آلياتهم وتجمعاتهم. أيضاً من دون قوات على الأرض ما كان القصف كافياً لاستعادة المديريات بعد هروب الميليشيات.
نتيجة التفكك السياسي اليمني، وتبعثر القوى المحلية، تمكن الحوثي من السيطرة على نحو ثلث أراضي الدولة اليمنية ونصف السكان. والمعارك الأخيرة برهنت على أن العمل المشترك ضرورة لكسب المواجهة.
إيران حوَّلت اليمن إلى ورشة كبيرة لتجميع وتصنيع السلاح، تنقل العتاد من موانئها إلى اليمن عبر قوارب تهريب صغيرة إلى ميناءي الصليف والحديدة. وقد تتسع دائرة الحرب مع زيادة النشاط الإيراني الحوثي من حيث التهريب البحري والقرصنة، حيث هدَّد التحالف بأن «انطلاق عمليات القرصنة والاختطاف من أي ميناء في اليمن سيجعله هدفاً عسكرياً مشروعاً... وأن اختطاف ميليشيات الحوثي السفينة (روابي) هو انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي».
يمكن أن نعد تقدم الشرعية مرحلة وجولة انتصار مهمة في رحلة التحرير الطويل لليمن، هذا اليمن البلد الكبير. وهي رد على الاستنتاجات الأخيرة بتخلي التحالف عن اليمن، ونقص إمداداته وذخيرته، والمراهنة على الخلافات بين القوى اليمنية. القوى اليمنية، الشرعية و«العمالقة» وغيرها تتَّجه نحو محطتها التالية، محافظة البيضاء ومأرب أيضاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جولة مكاسب في اليمن جولة مكاسب في اليمن



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca