هجوم إيران على باب المندب

الدار البيضاء اليوم  -

هجوم إيران على باب المندب

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

نظام طهران ماكر، وهذا ما يميزه عن أنظمة شريرة سابقة مثل نظام صدام في العراق. استهداف الحوثيين لمضيق باب المندب في البحر الأحمر ليس إلا هجوماً إيرانياً. فهو يهدد بضرب ممرات نقل النفط، مثل هرمز في الخليج، ويعطي الأمر إلى وكيله الحوثي اليمني، الذي زوّده بالصواريخ، ليقصف ناقلات النفط في مضيق باب المندب.

من ناحية، تكون إيران قد نجحت في تنفيذ وعيدها ضد الولايات المتحدة ودول المنطقة دون أن تتحمل هي المسؤولية المباشرة، فالمنفذون يمنيون ولا يمكن محاسبتها على أفعالهم. في حال امتنعت الدول المصدرة للنفط، مثل المملكة العربية السعودية، عن نقل بترولها عبر البحر الأحمر تكون إيران قد نجحت في تعطيل تصدير النفط جزئياً وإحداث الفوضى في سوق البترول العالمية. 

وكلاء إيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، وعصائب الحق في العراق، والحوثي في اليمن، عملياً هم عسكر إيران الذين تنفق عليهم مبالغ طائلة وتدربهم وتسلحهم منذ عقود. ولقد ارتكب الغرب خطأ في التعامل مع اللعبة الإيرانية في بداية النزاع مع إيران، وبشكل خاص الولايات المتحدة كونها البلد الأكثر انخراطاً في المنطقة، ورضخت وتعاملت مع الوكلاء كتنظيمات مستقلة، وإن كانت تعرف أنهم على ارتباط بإيران، ليس جهلاً بطبيعة العلاقة، بل تحاشياً للمواجهة مع إيران، وحصرت مواجهتها مع التنظيمات الصغيرة. وعندما خطف حزب الله اللبناني وقتل عدداً من الأميركيين والغربيين في الثمانينات في بيروت، كانت الحكومات الغربية تطلب تدخل نظامي إيران وسوريا ليقوما بدور الوساطة، وإطلاق سراح المخطوفين. وبالتالي أسّست هذه الممارسات لقواعد اللعبة بطريقة خاطئة عززت من نفوذ إيران وكلفتها القليل. 

لم تدفع إيران ثمن جرائمها أبداً، أقصى عقوبات الغرب ضد إيران كانت اغتيال قياديين لبنانيين في حزب الله، استثمار رخيص، ويمكن لإيران استبدالهم بلبنانيين غيرهم، وطوال ثلاثين عاماً لم يدفع مدبر الجرائم الحقيقي في طهران أي ثمن على الإطلاق. ولو أن الغرب في الثمانينات والتسعينات اعتبر أفعال هذه المنظمات محسوبة بشكل مباشر على إيران لما كان هناك حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي وعصائب الحق وغيرها. فلم تحاسب إيران على قتلها الأميركيين في بيروت، ولا في أبراج الخبر في السعودية، ولا هجماتها الدموية في شوارع باريس، ولا عمليات خطف الطائرات مثل «تي دبليو إيه». 

اليوم تكرر طهران في غرب اليمن ما كانت تفعله في جنوب لبنان، فالحوثي تنظيم إيراني يأتمر بأوامر طهران، وهذا الهجوم على باب المندب تنفيذ للتهديد الذي أطلقه القادة الإيرانيون رداً على قرارات البيت الأبيض، وأعلنوا أنهم سيعطلون صادرات النفط في الخليج. وما يقوله الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، من إنه مستعد لتنفيذ هجمات على مضيق هرمز مجرد إلهاء عن المخطط الحقيقي، وهو تكليف الحوثي ليقوم بالمهمة نيابة عنه، أما إيران فلن توسخ يديها بمثل هذه العمليات. 

تريد طهران أن تفرض وجودها وشروطها مستخدمة جماعاتها المسلحة دون تبعات عليها. ولم تحاول أي دولة مضادة بناء وكلاء يوازن صراع الوكلاء أو الميليشيات، إلا في سوريا خلال سنوات الحرب الماضية. وقد اضطرت إيران، في حرب الوكلاء بعد فشل وكيلها حزب الله، إلى إرسال قواتها للقتال مباشرة لأول مرة في تاريخها، خوفاً على نظام حليفها الأسد من السقوط، ومع هذا فشلت أمام المعارضة السورية المسلحة فاستنجدت بالقوات الروسية.

لن يتوقف الإيرانيون عن بث الفوضى ونشر الإرهاب والتدخل في لبنان وسوريا والعراق، إلا إذا شعر نظام طهران أنه مسائل عن أفعال تنظيماته، ويدفع ثمن جرائمها مباشرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجوم إيران على باب المندب هجوم إيران على باب المندب



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca