العالم لن يموت من أجلنا

الدار البيضاء اليوم  -

العالم لن يموت من أجلنا

بقلم : عبد الرحمن الراشد

نسب لنائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، تحذيره من خطر الخلافات حول معركة الموصل، وأنها قد تكون ذريعة لشن حرب عالمية ثالثة!

توجد مشكلة في العراق بسبب الصراع الطائفي الشيعي السني والعرقي العربي والكردي والتركماني، لكن لن تتسبب معركة الموصل في حرب عالمية، ولا حتى حرب إقليمية واسعة. ولا الحرب على حلب ولا سوريا ولا العراق ستتسبب في مواجهات حرب كبيرة. وكل ما يتردد عن قرب حرب عالمية هو من ارتفاع درجة حرارة النقاشات في منطقتنا، ولا علاقة لها بالمخططين الاستراتيجيين، وصناع القرار الذين يجلسون في غرف مكيفة على بعد آلاف الأميال من منطقتنا في أميركا وروسيا.

العالم مليء بالحروب والخلافات، وما قد يتطور منها إلى حروب واسعة ومدمرة كالحرب العالمية الماضية، ويخشى منها أن تتسبب في صدام عالمي مدمر هو احتمال ضعيف جًدا ومستبعد جًدا. فالحرب العالمية الثانية أكلت ستين مليون إنسان، معظمهم في الغرب، وأي حرب عالمية ثالثة ستكون مريعة، حيث يقدر أنها ستقتل مليار إنسان، لأنها ستستخدم الأسلحة الوحيدة القادرة على «تحقيق الانتصار» أي أسلحة الدمار الشامل من نووية وكيماوية. يعني ستختفي دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا ومعظم روسيا، ومناطق النفوذ الحيوية. لن يكون هناك منتصر وسيعود العالم كله للعصر الحجري، وقد لا تكون الأرض صالحة للعيش الآدمي. لهذا، لم تنشب حروب مباشرة في ذروة الصراعات الدولية، وما عرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الأميركي والسوفياتي كلها كانت بالوكالة أو غير مباشرة. الأميركيون قتل لهم في الحرب الفيتنامية الكمبودية نحو 140 ألف جندي، ومع هذا لم يلجأوا إلى استخدام السلاح النووي، وانسحبوا بعد الهزيمة.

خسروا في العراق أربعة آلاف قتيل وانسحبوا. الروس تهاوت إمبراطوريتهم، وخسروا 15 دولة كانت جزًءا منهم، وفقدوا ثلاثة أرباع أراضيهم ونصف سكانهم، ومع هذا لم يتحدثوا عن حرب عالمية ثالثة، وَلم يطلقواصاروًخا نووًيا واحًدا، بل استمروا يلعبون لعبة الشطرنج القديمة في الصراع مع منافسهم على النفوذ والمناطق!

وليس مستحيلاً أن يصعد مستقبلاً زعيم مجنون ويستخدم ما لديه من أسلحة نووية، هذا السيناريو يؤرق العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد وضعت كثير من الضوابط والبروتوكولات من أجل تحاشي الوصول إلى نقطة الجنون هذه، ولو حدث فلن يكون السبب في الضغط على الزر النووي معارك جانبية، مثل معاركنا في الموصل أو حلب أو غيرها في منطقتنا. الدول العظمى تعتبر حروبنا جانبية لا تستحق منهم ارتكاب حرب انتحارية يدمرون فيها بلدانهم. وما يتكرر نشره في الإعلام العربي والإيراني من أحاديث منسوبة لشخصيات عالمية مثل الرئيس الروسي أو هنري كسينجر عن حرب عالمية ثالثة كلها مزورة. ما الحالات التي يمكن للدول الكبرى فيها ارتكاب حماقة الحرب النووية عالمًيا؟ فقط عندما يصبح أمنهم
المباشر في قلب الخطر، وتصبح بلدانهم معرضة للزوال. سيناريو يعتبر خارج التصور.

نحن نتخيل أن العالم حريص على أمننا أو استقرارنا. الحقيقة العالم لا يهمه أمرنا. كل همه ألا يصله إرهابيونا ولا لاجئونا ولا أن ندمر آبار نفطنا لأنه مصدر الطاقة لهم. عدا ذلك لا أحد فعلاً يهتم. المسؤول الوحيد هو حكومات دول منطقتنا عن الحروب والسلام. فمنطقة الشرق الأوسط تعيش حالة فشل سياسي مستمرة منذ نصف قرن، عجزت عن التعايش مع بعضها، وعجزت عن التوصل إلى اتفاق متكامل يعتمد الحدود المرسومة، ويحترم الاتفاقيات، ويتعهد بشكل جماعي نبذ الحروب في حسم الخلافات. نحن اليوم لا نزال نعيش في غابة، فيها أنظمة مثل الوحوش الكاسرة كل همها النهب والسلب. لا نزال نعيش مثل أّيام العصور الغابرة، لا تدري من يغير عليك عندما تأوي إلى فراشك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم لن يموت من أجلنا العالم لن يموت من أجلنا



GMT 18:24 2022 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إرضاء واشنطن مهمة صعبة

GMT 18:26 2022 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بعد غياب الـ«بي بي سي»

GMT 12:17 2022 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

هل هي نهاية «الإخوان»؟

GMT 23:04 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

هل يحافظ تشارلز على العرش؟

GMT 16:01 2022 الأربعاء ,07 أيلول / سبتمبر

كوشنر وترمب والمنطقة

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca