لقاء فيتنام لن ينهي أزمة سوريا

الدار البيضاء اليوم  -

لقاء فيتنام لن ينهي أزمة سوريا

عبد الرحمن الراشد

قد يكون هذا هو الفصل الأخير من الحرب السورية كما عرفناها في السنوات الست الماضية، لكنْ للأزمة السورية فصول لاحقة. وفي سبيل طي الحرب ناقشها الرئيسان الأميركي والروسي في فيتنام الذي يعتقد أنهما متفقان على فشل الحل العسكري، وأن «الحل سلمي». وكذلك التقى الرئيسان التركي مع الروسي من قبل، في حين تجهز إيران وإسرائيل استعداداتهما للمرحلة التالية.
والناتج الأخير للمفاوضات، التي يقودها الروس ومبعوث الأمم المتحدة، يريد فقط وقف الاقتتال المباشر بين الفرقاء داخل سوريا. وأخطر ما فيه، وفق ما يطرح بالاعتراف بفشل الحل العسكري، أنه سيقبل بتوزيع سوريا جغرافياً مؤقتاً بين القوى الأجنبية المختلفة، روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا، كل في مكانه. فكرة التقسيم المؤقت أن هذه القوى تتوقف عن القتال، وتستطيع لاحقاً أن تتفاوض على حل نهائي. لكن التموضع المقبول دولياً، وإن كان مؤقتاً، سيغذي الصراع الإقليمي، العراق وإسرائيل وتركيا. وجميعها تستعد لمرحلة ما بعد «وقف الحرب».
الخرائط الفضائية المنشورة، حديثاً، تبين كيف أن إيران تبني سلسلة من القواعد العسكرية الصغيرة تمتد من ضواحي جنوب دمشق إلى الجولان، عدا عن التجمعات العسكرية التي بناها حزب الله اللبناني في مواقعه الأخرى داخل سوريا. كلها تعبر عن ترتيبات المستقبل القريب من أجل فرض حقائق على الأرض رغماً عن الاتفاق الدولي المتوقع لاحقاً. الوجود العسكري الإيراني وحلفاؤه، بهذا الكم وهذا العمق، يؤسس واقعاً لا يمكن تجاهل خطره على عموم المنطقة أكثر من إسرائيل، التي تتمتع بقوة عسكرية تدميرية هائلة وحليف أميركي يتعهد الدفاع عنها.
إسرائيل، مثل بقية دول المنطقة استهانت في البداية بالتسلل الإيراني في سوريا. كانت تعتبر الحرب الأهلية تخدم مصالحها؛ مستنقع طائفي يتورط فيه «حزب الله» والقوى الإيرانية مع «داعش»، ولا بد أنهم جميعاً خسروا أعداداً كبيرة من قواتهم ومقاتليهم خلال السنوات الثلاث.
إنما حتى في حال نجح الاتفاق بين القوى الرئيسية على وقف القتال، لا بد أن نقلق من مؤشرات مرحلة جديدة من المواجهات الإقليمية داخل سوريا وخارجها.
فإسرائيل ترى «حزب الله» كتيبة إيرانية متقدمة، ضمن الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط، الذي يغذيه اتفاق وقف القتال المنتظر بقبوله وجود الإيرانيين في سوريا. فالحرس الثوري يبني وجوداً طويل الزمن لقواته وميليشياته من المقاتلين الأجانب في مناطق سيطرته داخل سوريا، تصل إلى نحو خمسين كيلومتراً من حدود إسرائيل على الجولان. الصور تظهر كيف بنى الحرس الثوري سلسلة قواعد عسكرية لتكون مراكز دعم وتمويل، تمثل الطريق السريع الإيراني الممتد من داخل العراق إلى لبنان. ولهذا فإن التهديدات الإسرائيلية الجديدة، موجهة ضد حزب الله في لبنان وسوريا معاً. هدفها مواجهة هذا الواقع الجديد، إضافة إلى أن الحروب الإسرائيلية السابقة كانت تشن ضد حزب الله وفق حساب تراكم السلاح وتمدد التنظيم، تقريبا كل عشر سنين. وفي الشأن السوري يحذر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو من الواقع الجديد بأنه «عندما يطرد داعش من مكان تحل محله إيران». طبعاً السبب جلي وهو أن النظام السوري نفسه لم يعد يملك قدرات عسكرية نتيجة هزائمه.
إسرائيل وتركيا والعراق، دول لها حدود مع سوريا مضطرة ومعنية مباشرة بتفاصيل الحل، ومن هي القوى التي ستسيطر على الأرض من الميليشيات المحلية والأجنبية. وكذلك الأردن مهدد بالزحف الإيراني باتجاه حدوده مع محافظة درعا، لولا التحذيرات الأميركية.
أما إيران فلا توجد لها حدود مع سوريا، مع هذا هي أكثر الدول تمدداً ونشاطاً عسكرياً. ولولا الغطاء الجوي الروسي لما استطاعت ميليشيات إيران التمدد، بل ما كانت لتنجو من الهزيمة.
هذا هو الواقع الذي لا أعرف كيف سيعالجه اتفاق إنهاء الحرب في سوريا، الذي ينهي فقط وجود الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام»، لكنه سيفشل في تخليص سوريا من الميليشيات الإقليمية الأخطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء فيتنام لن ينهي أزمة سوريا لقاء فيتنام لن ينهي أزمة سوريا



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca