دخول إسرائيل في سوريا

الدار البيضاء اليوم  -

دخول إسرائيل في سوريا

بقلم - عبد الرحمن الراشد

اهتز جبل عزان، جنوب حلب، في عملية عسكرية غامضة استهدفته قبل يومين، ومع أن مصدراً سورياً ادعى أن الوميض الهائل جاء من تماس كهربائي، فإن هذا التبرير الساذج لم يخفِ أنه كان قصفاً عسكرياً. ولأن لا أحد أعلن مسؤوليته فقد رجح أن إسرائيل خلف الهجوم. أهميته أنه استهدف قاعدة عسكرية استراتيجية للحرس الثوري الإيراني، التي يبدو أن سكانها كانوا قد أخلوها قبل أيام على عجل، نتيجة إعلان البيت الأبيض عزمه على توجيه ضربات رداً على استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي في دوما.

في سوريا توزعت العمليات العسكرية هذا الأسبوع، حيث اقتصر القصف الأميركي البريطاني الفرنسي على المراكز المرتبطة بالسلاح الكيماوي من معامل ومصانع ومخازن. وركزت إسرائيل في هجماتها العسكرية على الوجود الإيراني ولم تستهدف قوات النظام السوري. القوات الروسية، بطبيعة الحال، لم تكن هدفاً، وهي بدورها لم تعترض القصف أو تتحداه دفاعاً عن حلفائها.

الأهم، يمكننا أن نلمس توجهات ريح جديدة من إعلان إسرائيل يوم الجمعة الماضي. فقد أعادت الحكومة فتح حادثة درون إيرانية في شهر فبراير (شباط) الماضي، واعتبرتها سابقة خطيرة «وأنها تُدخل البلدين في حالة مواجهة عسكرية مباشرة مفتوحة لأول مرة».

إسرائيل ركزت على حادثة الدرون قائلة إنها «طائرة إيرانية مسلحة دخلت الأجواء الإسرائيلية»، وإنها ليست فقط مجرد درون تصوير وجمع معلومات. وقالت إن كل التحليلات التي قامت بها تُظهر أنها أُرسلت في عملية عسكرية، واعتبرته تطوراً خطيراً في الحرب.

ويبدو أن الإسرائيليين أخيراً قد تبنوا سياسة مواجهة إيران في سوريا مما سيخلط الأوراق من جديد. والحرس الثوري، في حالة نادرة، كان قد اعترف بمقتل سبعة من عسكره في قاعدة «تيفور» في محافظة حمص، ومع هذا لم يرد رغم توعده إسرائيل. كما أن حليفه الروسي لم يدافع عنه.

وهذه التطورات تعيد إلى الأذهان الصورة الباسمة، صورة النصر للرؤساء الثلاثة؛ الروسي بوتين والإيراني روحاني والتركي إردوغان. فقد اجتمع «المنتصرون» في أنقرة قبل أسبوعين وتحدثوا عن سوريا كما لو أن الحرب حُسمت وانتصروا فيها. ها نحن نرى الوضع يتعقد. وقد يتبدل بعد الهجوم الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي، رداً على استخدام الأسد السلاح الكيماوي، وبعد التدخل الإسرائيلي، بحجة الدرون الإيرانية.

الإسرائيليون يدخلون بشكل حذر وفاعل أكثر من أي وقت مضى. وهذا العامل الجديد سيكون له كلمة مهمة في مصير إيران في سوريا. ورغم أن نيران إسرائيل أصغر بكثير من القصف الثلاثي فإن أهدافها تبقى أكثر حسماً وأهمية.

الحكومة الإسرائيلية كانت تقف موقف المتفرج، معظم الأحيان، خلال سبع سنوات من الحرب في سوريا، وكانت تحذّر الأطراف بعدم التعرض لحدودها أو مناطقها الموازية. وقد التزم المتحاربون عدم تخطي الخطوط الحمراء الإسرائيلية بما فيهم «داعش» و«جبهة النصرة» والحرس الثوري الإيراني، إلا من مواجهات محدودة. وكان الوضع مناسباً لإسرائيل باستمرار القتال بين أعدائها. لكن يبدو أن حسم الحرب لصالح إيران تحديداً، واكتفاء تركيا بتنظيف مناطقها الحدودية من المتمردين الأكراد، جعلها تعيد استراتيجيتها. بالنسبة إلى القيادة الإيرانية استراتيجيتها تطمح للسيطرة على مناطق غرب إيران، العراق وسوريا ولبنان، حتى تعطيها ميزة تفاوضية مع إسرائيل. وهو مشروعها القديم في لبنان وغزة من خلال «حزب الله» وحركة «حماس».

هجمات إسرائيل، حتى الآن، قليلة ووُجهت نحو قوات الحرس الثوري الإيراني، وميليشياته من «حزب الله» اللبناني، و«عصائب أهل الحق» العراقية، و«الفاطميون» الأفغانية وغيرها. ومع أنه قلما يعرف عن ضربات إسرائيل من الطرفين، الضارب والمضروب، فإن هناك ما يكفي مما تسرب إلى الإعلام من أطراف أخرى. والأرجح أن المعارضة السورية المسلحة، هي الأخرى، ستعاود عملياتها مستفيدة من الوضع الجديد.

الضغط على إيران هائل جداً، وفي رأيي، ما لم تتراجع وتعلن عن انسحابات جزئية من سوريا فإننا أمام جولة أخرى من الحرب الإقليمية داخل سوريا تحديداً ضد إيران و«حزب الله». ولا ننسى العقوبات الاقتصادية التي بدأت تُوجِع النظام، حيث هبط التومان الإيراني إلى أقل سعر له في تاريخه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دخول إسرائيل في سوريا دخول إسرائيل في سوريا



GMT 13:22 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

الحرب على الديمقراطية

GMT 12:49 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

السودان.. دروس من ذهب

GMT 12:45 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

المغرب المحاصر

GMT 12:45 2019 الإثنين ,06 أيار / مايو

إسقاط "القداسة" عن العسكر

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca