نحن ضد لعبة المحاور

الدار البيضاء اليوم  -

نحن ضد لعبة المحاور

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في السابق، أي قبل الحرب العالمية الثانية، كان يقال إن التوتر والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط مردها الوجود الاستعماري على نحو ستين في المائة من خريطة المنطقة. وبعد الحرب العالمية، وإنهاء معظم الاستعمار، حدث العكس، ارتفعت حدة النزاعات، ووضع اللوم، في معظمه، على تنازع المعسكرين الغربي والسوفياتي، في إطار الحرب الباردة. وعندما انهار الاتحاد السوفياتي، في مطلع التسعينات، ولم يبق في العالم سوى قوة عظمى وحيدة، ظهرت حروب جديدة في أفغانستان والصومال والعراق وطفت على السطح أزمات في مصر والجزائر واليمن الجنوبي وإريتريا. قيل حينها إن السبب هو في الفراغ السياسي.

ثم انتهت مرحلة القطب الواحد وانتهى الفراغ، بعودة موسكو إلى الساحة. انتشرت الحروب، وصارت أكبر وأكثر خطورة من أي وقت مضى، حيث لم تعد هناك حدود ولا خطوط حمراء تحترم. قتلى وجرحى ومشردون، ودمار الحروب الأهلية تجاوز كل حروب الخمسين عاما الماضية مجتمعة، ولا تزال المآسي مستمرة.

إذن نستطيع أن نستنتج أن كوارث المنطقة وأزماتها ليست نتيجة لنموذج واحد من النزاعات الدولية، بل إن المنطقة نفسها فيها قابلية عالية للحروب والأزمات.

توقفت حروب أوروبا الشرقية نتيجة معادلة اتفاق المعسكرين في زمن الحرب الباردة، وعندما سقط المعسكر السوفياتي تمت السيطرة على الوضع وترتيبه، بتفكك تشيكوسلوفاكيا وانهيار يوغسلافيا، من خلال التعاون الأوروبي. وسبق ذلك ترتيبات جنوب شرقي آسيا بعد هزيمة الأميركيين في فيتنام، عندما تمت إعادة ترتيب أوضاع المنطقة كلها، بما فيها إندونيسيا وماليزيا، ودعم كوريا الجنوبية. حتى فيتنام الموحدة عادت للتعاون مع الغرب.

ما الذي تحتاج إليه منطقة الشرق الأوسط حتى تستقر؟ فالمنطقة لا تزال تمثل خطرا على نفسها، وعلى العالم!

القناعة منذ الثمانينات أن إيران هي خزان التوتر الإقليمي، ومبعث الفوضى، وبدرجة ثانية كان نظام صدام حسين في العراق. الثاني تم إسقاطه، وأخرج العراق من معادلة الشر الإقليمية، كما أخرج قذافي ليبيا، وبقيت إيران المصدر الأول للفوضى.

لقد سعت الإدارات الأميركية المتعاقبة على طمأنة النظام الإيراني بأنه رغم خلافها معه تهدف إلى احتواء نشاطاتها العدوانية ووقف نشرها للتطرف والإرهاب، أي تهذيب سلوكها وليس تغيير النظام السياسي في طهران، بخلاف العراق، وليبيا.

ماذا لو نجح العالم وأجبر النظام الإيراني على تغيير سلوكه وإنهاء عدوانيته؟ أو تم تغييره نهائيا؟ لا شك أبداً أن حظ المنطقة كبير في سلام شامل أكثر، وسينقطع مصدر الفوضى والإرهاب الرئيسي الذي يمول التنظيمات طوال هذه العقود. وربما ستعيش منطقة الشرق الأوسط أول فرصة لها في تاريخها الحديث من دون قلاقل. فمعظم الفوضى التي نراها اليوم مرتبطة بشكل مباشر، أو غير مباشر، بإيران، مثل حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، وميليشيات العراق المتطرفة، والحوثيين في اليمن، وغيرها في أفغانستان وباكستان والبحرين.

هل يمكن للقوى الإقليمية والدولية أن تتفق على مواجهة الحقيقة، وهي أن إيران مصدر الفشل والفوضى والحروب في المنطقة، وأنه من العبث ملاحقة وكلائها الصغار، والأفضل مواجهة آلة الشر مباشرة.

أحد أسباب نجاح نظام طهران هو اللعب على التناقضات الإقليمية، مدعياً الدفاع عن قضايا المنطقة، مرة إسلامية ومرة إنسانية، وكلها استهلكها، وأصبحت أكثر دولة مكروهة شعبيا.

لكن لا تزال طهران تلعب بورقة الصراع الدولي في المنطقة، بالتحالف مع روسيا، وكذلك بابتزاز الصين. ولحسن الحظ أن لدى دول المنطقة وعيا بالمشكلة، فهي لا تريد إحياء المعسكرات الدولية، وتحاول إقناع موسكو بعدم الانجرار وراء نظام طهران والدخول في لعبة المحاور، محور واشنطن مع دول الخليج ضد محور موسكو مع إيران. ولو نجحت دول المنطقة في محاولاتها، وعطلت المحاور التي تحت الإنشاء حالياً فإنها ستتغلب على إيران أخيراً، وتكون قد أوصلتها إلى نهاية الطريق. من دون تحالفات ستنتهي لعبة طهران العبثية التي أضرت بالشعب الإيراني وآذت شعوب المنطقة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن ضد لعبة المحاور نحن ضد لعبة المحاور



GMT 18:24 2022 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إرضاء واشنطن مهمة صعبة

GMT 18:26 2022 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بعد غياب الـ«بي بي سي»

GMT 12:17 2022 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

هل هي نهاية «الإخوان»؟

GMT 23:04 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

هل يحافظ تشارلز على العرش؟

GMT 16:01 2022 الأربعاء ,07 أيلول / سبتمبر

كوشنر وترمب والمنطقة

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca